للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله ابن حزم - رحمه الله - من صحّة بيع الغائب بالوصف هو الحقّ، وقد تعقّب وليّ الدين كلام ابن حزم هذا، بما هو دفاع بَحْت عن مذهبه، تركت ذكره لكونه خَلْفًا، فتبصّر بالدليل السديد، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم.

٣ - (ومنها): ما قيل أيضًا: إنه يُستَدلّ به على بطلان بيع الأعمى مطلقًا، وهو قول معظم الشافعية، حتى من أجاز منهم بيع الغائب؛ لكون الأعمى لا يراه بعد ذلك، فيكون كبيع الغائب، مع اشتراط نفي الخيار.

وقيل: يصح إذا وصفه له غيره، وبه قال مالك، وأحمد، وعن أبي حنيفة يصح مطلقًا، على تفاصيل عندهم أيضًا، قاله في "الفتح" أيضًا (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الأرجح عندي ما ذهب إليه مالك، وأحمد، وأبو حنيفة، من جواز بيع الأعمى، وشرائه، إذا وُصف المتاع له، لأن حكمه في المعاملات كحكم غيره ممن يُبصِر، دون فرق، وليس نصّ، ولا إجماع يميّزه عنهم، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٣٨٠١] (١٥١٢) - (وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِر، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى - وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ - قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ أَبا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: نَهَانَا (٢) رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعَتَيْن، وَلبْسَتَيْنِ: نَهَى عَنِ الْمُلَامَسَة، وَالْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْع، وَالْمُلَامَسَةُ لَمْسُ الرَّجُلِ ثَوْبَ الآخَرِ بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَار، وَلَا يَقْلِبُهُ إِلَّا بِذَلِكَ، وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ بِثَوْبِه، وينْبِذَ الآخَرُ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ، ويكُونُ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ (٣)، وَلَا تَرَاضٍ).


(١) "الفتح" ٥/ ٦١٥.
(٢) وفي نسخة: "نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
(٣) وفي نسخة: "عن غير نظر".