للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[أحدها]: أن يقول: بعتك من هذه الأثواب، ما وقعت عليه الحصاة التي أرميها، أو بعتك من هذه الأرض من هنا، الى ما انتهت إليه هذه الحصاة.

[والثاني]: أن يقول: بعتك على أنك بالخيار، إلى أن أرمي بهذه الحصاة.

[والثالث]: أن يجعلا نفس الرمي بالحصاة بيعًا، فيقول: إذا رميت هذا الثوب بالحصاة، فهو مبيع منك بكذا. انتهى (١).

وقال أبو العبّاس القرطبيّ - رحمه الله -: اختُلف فيه على أقوال:

[أوّلها]: أن يبيعه من أرضه قدرَ ما انتهت إليه رَميَةُ الحصاة.

[وثانيها]: أيُّ ثوب وقعت عليه الحصاة، فهو المبيع.

[وثالثها]: أن يقبض على الحصى، فيقول: ما خرج كان لي بعدده دراهم، أو دنانير.

[ورابعها]: أيُّ زمن وقعت الحصاة من يده وجب البيع، فهذا إيقافُ لزوم على زمن مجهول، وهذه كلّها فاسدةٌ؛ لما تضمّنته من الخطر، والجهل، وأكل المال بالباطل. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (٢)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في بيان أقوال أهل العلم في بيع الغرر:

قال النوويّ - رحمه الله -: وأما النهي عن بيع الغرر، فهو أصل عظيم، من أصول "كتاب البيوع"، ولهذا قدّمه مسلم، ويدخل فيه مسائل كثيرة، غير منحصرة؛ كبيع الآبق، والمعدوم، والمجهول، وما لا يُقْدَر على تسليمه، وما لم يتم ملك البائع عليه، وبيع السمك في الماء الكثير، واللبن في الضرع، وبيع الحمل في البطن، وبيع بعض الصُّبْرَة مبهمًا، وبيع ثوب من أثواب، وشاة من شياه، ونظائر ذلك، وكل هذا بيعه باطل؛ لأنه غرر من غير حاجة؛ وقد يُحتَمَل بعضُ الغرر بيعًا، إذا دعت إليه حاجة، كالجهل بأساس الدار، وكما إذا باع الشاة الحامل، والتي في ضرعها لبن، فإنه يصح البيع؛ لأن الأساس تابع للظاهر من الدار، ولأن الحاجة تدعو إليه، فإنه لا يمكن رؤيته، وكذا القول


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٥٦.
(٢) "المفهم" ٤/ ٣٦٢.