المسيِّب، فهذا أحد الأقوال في تفسيره، وهو أصحها؛ لموافقة الحديث.
[والقول الثاني]: أنه بيع نتاج النتاج، وهو الذي فسره به أبو عبيدة معمر بن المثنى، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وابن عُلَيّة، وأحمد بن حنبل، وإسحاق ابن راهويه، وابن حبيب من المالكية، والترمذيّ في "جامعه"، وأبو بكر بن الأنباريّ، والجوهري في "الصحاح"، وقال النوويّ في "شرح مسلم": وهذا أقرب إلى اللغة، لكن الراوي هو ابن عمر - رضي الله عنهما - وقد فسره بالتفسير الأول، وهو أعرف، ومذهب الشافعيّ ومحققي الأصوليين أن تفسير الراوي مقدَّم إذا لم يخالف الظاهر. انتهى.
[والقول الثالث]: أنه بيع ما في بطون الأنعام، صَدَّر به صاحب "المحكم" كلامه، فقال: هو أن يباع ما في بطن الناقة، قال الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ": وهذا ضعيف، إنما هذا بيع المضامين، كما فسره به سعيد بن المسيِّب، وفرّق بينه وبين حبل الحبلة، كما رواه مالك في "الموطإ" عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب؛ أنه قال: لا ربا في الحيوان، وإنما نُهِي من الحيوان عن ثلاث: عن المضامين، والملاقيح، وحبل الحبلة، فالمضامين ما في بطون إناث الإبل، والملاقيح ما في ظهور الجمال، وحبل الحبلة بيع كان أهل الجاهلية يتبايعونه، كان الرجل منهم يبتاع الجزور إلى أن تُنْتَج الناقة، ثم يُنْتَج الذي في بطنها.
قال وليّ الدين: المشهور في الملاقيح والمضامين عكس ما فسَّره به سعيد بن المسيِّب، فالملاقيح ما في البطون، والمضامين ما في الظهور.
[والقول الرابع]: أن الحبلة هنا شجرة العنب، وأن المراد به بيع العنب قبل أن يبدو صلاحه، حكاه صاحب "المحكم" أيضًا، فقال: وقيل: معنى حبل الحبلة: حمل الكرمة قبل أن تبلغ، وجعل حملها قبل أن تبلغ حبلًا، وهذا كما نُهِي عن بيع تمر النخل قبل أن يُزْهِي. انتهى.
وهذان القولان الأخيران غريبان.
قال: والبيع المذكور بالتفاسير الثلاثة الأولى متَّفقٌ على بطلانه، أما الأول فلأنه بيع بثمن إلى أجل مجهول، والأجل يأخذ قسطًا من الثمن، وأما الثاني فلأنه بيع معدوم، ومجهول، وغير مملوك للبائع، وغير مقدور على