للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البيع، يبتاع الرجل بالشارف حَبَل الْحَبَلة، فنهوا عن ذلك. وقال ابن التين: محصَّل الخلاف: هل المراد البيع إلى أجل، أو بيع الجنين؟ وعلى الأول: هل المراد بالأجل ولادة الأم، أو ولادة ولدها؟ وعلى الثاني: هل المراد بيع الجنين الأول، أو بيع جنين الجنين؟ فصارت أربعة أقوال. انتهى.

وحكى صاحب "المحكم" قولًا آخر: إنه بيع ما في بطون الأنعام، وهو أيضًا من بيوع الغرر، لكن هذا إنما فَسَّر به سعيد بن المسيِّب كما رواه مالك في "الموطإ" بيعَ المضامين، وفسَّر به غيره بيع الملاقيح. واتفقت هذه الأقوال على اختلافها على أن المراد بالحبلة جمع حابل، أو حابلة من الحيوان، إلا ما حكاه صاحب "المحكم" وغيره عن ابن كيسان أن المراد بالحبلة: الكرمة، وأن النهي عن بيع حبلها؛ أي: حملها قبل أن تبلغ، كما نَهَى عن بيع ثمر النخلة قبل أن تُزْهِي، وعلى هذا فالحبلة بإسكان الموحدة، وهو خلاف ما ثبتت به الروايات، لكن حُكي في الكرمة فتح الباء، وادَّعَى السهيليّ تفرد ابن كيسان به، وليس كذلك، فقد حكاه ابن السِّكِّيت في كتاب الألفاظ، ونقله القرطبيّ في "المفهم" عن أبي العباس المبرد، والهاء على هذا للمبالغة وجهًا واحدًا. انتهى (١).

والحافظ وليّ الدين - رحمه الله -: فَسَّر في الحديث البيع المنهيّ عنه بأن يبيع شيئًا إلى أن تُنْتَج الناقة، ثم تُنتَج التي في بطنها، هكذا في رواية مالك، وفي رواية عبيد الله بن عمر عند الشيخين: "كان الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وحبل الحبلة أن تُنتَج الناقة، ثم تَحْمِل التي نُتجت"، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فاعتبر في هذه الرواية حَمْل الثانية دون نتاجها، وهو الذي ذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في "التنبيه"، فقال: وهو أن يبيع بثمن إلى أن تَحمِل هذه الناقة، وتَلِد، ويَحمل ولدها.

قال ابن عبد البرّ: قد جاء تفسير هذا الحديث كما ترى في سياقته، وان لم يكن تفسيره مرفوعًا، فهذا من قول ابن عمر، وحسبك به. انتهى.

وبهذا التفسير أخذ مالك، والشافعيّ، وهو محكيّ عن سعيد بن


(١) "الفتح" ٥/ ٦١١ - ٦١٢ "كتاب البيوع" رقم (٢١٤٣).