ومذهب الشافعيّ، ومحققي الأصوليين؛ أن تفسير الراوي مقدم إذا لم يخالف الظاهر.
وهذا البيع باطل على التفسيرين: أما الأول، فلأنه بيع بثمن إلى أجل مجهول، والأجل يأخذ قسطًا من الثمن، وأما الثاني فلأنه بيع معدوم، ومجهول، وغير مملوك للبائع، وغير مقدور على تسليمه، والله أعلم. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما فسّر به الأولون للنهي عن بيع حَبَل الْحَبَلة بأنه بيع الشيء بثمن مؤجّل إلى هذا الأجل، هو الأرجح؛ لموافقته تفسير الراوي؛ لأنه أعلم بتفسير ما رَوَى، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
وقال في "الفتح" بعد ذكر رواية جويرية المذكورة بلفظ: "أن تُنتج الناقة ما في بطنها" ما حاصله: وبظاهر هذه الرواية قال سعيد بن المسيِّب، فيما رواه عنه مالك، وقال به مالك، والشافعيّ، وجماعة، وهو أن يبيع بثمن إلى أن يولد ولدُ الناقة، وقال بعضهم: أن يبيع بثمن إلى أن تَحمل الدابة، وتلد، وَيَحمل ولدها، وبه جزم أبو إسحاق في "التنبيه"، فلم يشترط وضع حمل الولد، كرواية مالك، قال: ولم أر مَن صرح بما اقتضته رواية جويرية، وهو الوضع فقط، وهو في الحكم مثل الذي قبله، والمنع في الصور الثلاث للجهالة في الأجل، ومن حقه على هذا التفسير أن يذكر في السَّلَم.
وقال أبو عبيدة، وأبو عبيد، وأحمد، وإسحاق، وابن حبيب المالكيّ، وأكثر أهل اللغة، وبه جزم الترمذيّ: هو بيع ولد نتاج الدابة، والمنع في هذا من جهة أنه بيع معدوم، ومجهول، وغير مقدور على تسليمه، فيدخل في بيوع الغرر، ولذلك صدّر البخاريّ بذكر الغرر في الترجمة، لكنه أشار إلى التفسير الأول بإيراد الحديث في "كتاب السَّلَم" أيضًا، ورجَّح الأول؛ لكونه موافقًا للحديث، وإن كان كلام أهل اللغة موافقًا للثاني، لكن قد روى الإمام أحمد من طريق ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر ما يوافق الثاني، ولفظه:"نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر"، قال: إن أهل الجاهلية كانوا يتبايعون ذلك