للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أما البيع على بيع أخيه فمثاله أن يقول لمن اشترى شيئًا في مدة الخيار: افسَخْ هذا البيع، وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه، أو أجود منه بثمنه، ونحو ذلك، وهذا حرام، ويحرم أيضًا الشراء على شراء أخيه، وهو أن يقول للبائع في مدة الخيار: افسَخْ هذا البيع، وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا الثمن، ونحو هذا، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة الأولى - إن شاء الله تعالى -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تخريجه في "كتاب النكاح" برقم [٦/ ٣٤٥٥] (١٤١٢)، وأذكر هنا المسائل المتعلّقة بالبيع فقط، فأقول:

(المسألة الأولى): في أقوال أهل العلم في معنى بيع الرجل على بيع أخيه، وحكمه:

قال النوويّ - رحمه الله -، ما حاصله: معنى "بيع الرجل على بيع أخيه": هو أن يقول لمن اشترى شيئًا في مدة الخيار: افسَخْ هذا البيع، وأنا أبيعك مثله، بأرخصَ من ثمنه، أو أجود منه بثمنه، ونحو ذلك، وهذا حرام، ويحرم أيضًا الشراء على شراء أخيه، وهو أن يقول للبائع، في مدة الخيار: افسخ هذا البيع، وأنا أشتريه منك، بأكثر من هذا الثمن، ونحو هذا.

قال: وأجمع العلماء على منع البيع على بيع أخيه، والشراء على شرائه، والسوم على سومه، فلو خالف، وعَقَد فهو عاص، وينعقد البيع، هذا مذهب الشافعيّ، وأبي حنيفة وآخرين. وقال داود: لا ينعقد، وعن مالك روايتان، كالمذهبين، وجمهورهم على إباحة البيع والشراء، فيمن يزيد، وقال الشافعيّ: كرهه بعض السلف. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (١).

وقال ابن قُدامة - رحمه الله -: معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبع بعضكم على بيع بعض": أن الرجلين إذا تبايعا، فجاء آخر إلى المشتري في مدة الخيار، فقال: أنا أبيعك مثل هذه السلعة، دون هذا الثمن، أو أبيعك خيرًا منها بثمنها، أو دونه، أو عرض عليه سلعة، رغب فيها المشتري، ففسخ البيع، واشترى هذه، فهذا غير جائز؛ لنهي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عنه، ولِمَا فيه من الإضرار بالمسلم، والإفساد عليه،


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٥٨ - ١٥٩.