للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِبَادٍ، وَلَا تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

وكلهم ذُكروا في الباب، وقبل باب.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا يُتَلَقَّى الرُّكْبَان) ببناء الفعل للمجهول، و"الركبان" مرفوع على أنه نائب الفاعل؛ أي: لا تُستقبل القافلة الجالبة للطعام قبل أن تقدّم الأسواق، وذِكْرُ الركبان خرج مخرج الغالب في أن من يجلب الطعام يكونون عددًا رُكبانًا، ولا مفهوم له، بل لو كان الجالب عددًا مُشاةً، أو واحدًا راكبًا أو ماشيًا لم يَختلف الحكم (١).

وقوله: (لِبَيْعٍ) وفي نسخة "للبيع"، يشمل البيع لهم، والبيع منهم، ويُفهم منه اشتراط قصد ذلك بالتلقّي، فلو تلقّى الركبان أحدٌ للسلام، أو الفرجة، أو خرج لحاجته، فوجدهم، فبايعهم، هل يتناوله النهي؟ فيه احتمال، فمن نظر إلى المعنى لم يفترق عنده الحكم بذلك، وهو الأصح عند الشافعية، وشرط بعض الشافعية في النهي أن يبتدئ المتلقي، فيطلبَ من الجالب البيع، فلو ابتدأ الجالب بطلب البيع، فاشترى منه المتلقي، لم يدخل في النهي، وذكر إمام الحرمين في صورة التلقي المحرم: أن يكذب في سعر البلد، ويشتري منهم بأقل من ثمن المثل، وذكر المتوليّ فيها أن يخبرهم بكثرة المؤنة عليهم في الدخول، وذكر أبو إسحاق الشيرازيّ أن يخبرهم بكساد ما معهم؛ ليغبنهم، وقد يؤخذ من هذه التقييدات إثبات الخيار لمن وقعت له، ولو لم يكن هناك تَلَقٍّ، لكن صرح الشافعية أن كون إخباره كذبًا ليس شرطًا؛ لثبوت الخيار، وإنما يثبت له الخيار إذا ظهر الغبن، فهو المعتبر وجودًا وعدمًا، قاله في "الفتح" (٢)، وسيأتي تمام البحث في الباب التالي - إن شاء الله تعالى -.


(١) راجع: "الفتح" ٥/ ٦٣٨ رقم (٢١٦٢).
(٢) "الفتح" ٥/ ٦٣٨.