للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قاضي المدائن، قال: أنا يحيى بن موسى، أنا عبد الله بن نافع، حدثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التحبير، قال: والتحبير أن يمدح الرجل سلعته بما ليس فيها"، قال ابن عبد البرّ: هكذا قال: التحبير، وفسّره، ولم يتابع على هذا اللفظ، وإنما المعروف: "النجش". انتهى (١).

(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في حكم النَّجْش:

قال النوويّ - رحمه الله -: النجش حرام بالإجماع، والبيع صحيح، والإثم مختص بالناجش، إن لم يعلم به البائع، فإن واطأه على ذلك، أثما جميعًا، ولا خيار للمشتري، إن لم يكن من البائع مواطأة، وكذا إن كانت في الأصح؛ لأنه قصّر في الاغترار، وعن مالك رواية: أن البيع باطل، وجعل النهي عنه مقتضيًا للفساد. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله الإمام مالك: من بطلان البيع هو الأرجح عندي؛ لظهور حجته، فتأمله، والله تعالى أعلم.

وقال الإمام البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه": "باب النَّجْش، ومن قال: لا يجوز ذلك البيع، وقال ابن أبي أوفى - رضي الله عنه -: "الناجش آكل ربًا، خائنٌ"، وهو خِداع باطلٌ، لا يحلّ، قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "الخديعة في النار"، و"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو ردّ"، ثم أورد حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - المذكور هنا.

قال في "الفتح": قوله: "ومن قال: لا يجوز ذلك البيع": كأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق، من طريق عمر بن عبد العزيز، أن عاملًا له، باع سبيًا، فقال له: لولا أني كنت أزيد، فأنفقه لكان كاسدًا، فقال له عمر: هذا نجش، لا يحل، فبعث مناديًا ينادي أن البيع مردود، وأن البيع لا يحل.

قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن الناجش عاص بفعله، واختلفوا في البيع، إذا وقع على ذلك، ونقل ابن المنذر، عن طائفة من أهل الحديث، فساد ذلك البيع، وهو قول أهل الظاهر، ورواية عن مالك، وهو المشهور عند الحنابلة، إذا كان ذلك بمواطأة البائع، أو صنعه، والمشهور عند المالكية في


(١) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٦/ ٦١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٥٩.