للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مثل ذلك، ثبوت الخيار، وهو وجه للشافعية، قياسًا على المصرّاة، والأصح عندهم صحة البيع، مع الإثم، وهو قول الحنفية.

وقال الرافعي: أطلق الشافعيّ في المختصر تعصية الناجش، وشَرَط في تعصية من باع على بيع أخيه، أن يكون عالمًا بالنهي، وأجاب الشارحون، بأن النجش خديعة، وتحريم الخديعة واضح لكل أحد، وإن لم يعلم هذا الحديث بخصوصه، بخلاف البيع على بيع أخيه، فقد لا يشترك فيه كل أحد.

واستَشْكَل الرافعي الفرق بأن البيع على بيع أخيه إضرار، والإضرار يشترك في عِلم تحريمه كل أحد، قال: فالوجه تخصيص المعصية في الموضعين بمن علم التحريم. انتهى.

وقد حكى البيهقيّ في "المعرفة"، و"السنن" عن الشافعي تخصيص المعصية في النجش أيضًا بمن أُعلم النهي، فظهر أن ما قاله الرافعي بحثًا منصوص، ولفظ الشافعيّ: النجشُ أن يَحضُر الرجلُ السلعةَ، تُباع، فيُعطِي بها الشيءَ، وهو لا يريد شراءها؛ ليقتدي به السُّوّام، فيعطون بها أكثر مما كانوا يُعْطُون، لو لم يسمعوا سومه، فمن نجش فهو عاص بالنجش، إن كان عالِمًا بالنهي، والبيع جائز لا يفسده معصية رجل نَجَش عليه. انتهى.

قال: وقد اتفق أكثر العلماء، على تفسير النجش في الشرع بما تقدم، وقيّد ابن عبد البر، وابن العربيّ، وابن حزم التحريم، بأن تكون الزيادة المذكورة فوق ثمن المثل، قال ابن العربيّ: فلو أن رجلًا رأى سلعة رجل، تباع بدون قيمتها، فزاد فيها؛ لتنتهي إلى قيمتها، لم يكن ناجشًا عاصيًا، بل يؤجر على ذلك بنيّته، وقد وافقه على ذلك بعض المتأخرين من الشافعية، وفيه نظر؛ إذ لم تتعيّن النصيحة في أن يُوهم أنه يريد الشراء، وليس من غرضه، بل غرضه أن يزيد على من يريد الشراء، أكثر مما يريد أن يشتري به، فللذي يريد النصيحة مندوحة عن ذلك، بأن يُعلم البائع بأن قيمة سلعتك أكثر من ذلك، ثم هو باختياره بعد ذلك.

ويَحْتَمِل أن لا يتعين عليه إعلامه بذلك حتى يسأله؛ لحديث: "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، فإذا استَنصَحَ أحدكم أخاه، فلينصحه"،