للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البلد، أو قلّة ما معه، أو لعموم وجوده، ورخص السعر، فوجهان: أوفقهما للحديث التحريم.

[والرابع]: أن يَعرِض الحضريّ ذلك على البدويّ، ويدعوه إليه، أما إذا التمس البدويّ منه بيعه تدريجيًّا، أو قصد الإقامة في البلد لبيع ذلك، فسأل البدويّ تفويضه إليه، فلا بأس به؛ لأنه لَمْ يضرّ بالناس، ولا سبيل إلى منع المالك منه.

ولو أن البدويّ استشار البلديّ فيما فيه حظّه، فهل يرشده إلى الادّخار، أو البيع على التدريج؟ وجهان، حكى القاضي ابن كجّ، عن أبي الطيّب بن سلمة، وأبي إسحاق المروزيّ أنه يجب عليه إرشاده إليه؛ أداءً للنصيحة، وعن أبي حفص ابن الوكيل: أنه لا يرشده إليه؛ توسيعًا على الناس، وكذا اعتبر الحنابلة هذه الشروط، وعبارة ابن تيميّة في "المحرّر": وبيع الحاضر للبادي منهيّ عنه بخمسة شروط: أن يحضر البادي لبيع شيء بسعر يومه، وهو جاهلٌ بسعره، وبالناس إليه حاجةٌ، ويقصده الحاضر.

وقال مالك في البدويّ يَقْدَمُ، فيسأل الحاضر عن السعر: أكره له أن يُخبره، وقال أيضًا: لا أرى أن يبيع مصريّ لمدنيّ، ولا مدنيّ لمصريّ، ولكن يُشير عليه، وقال أيضًا: لا يبيع أهل القرى لأهل البادية سِلَعَهم، قيل له: فإن بعث بالسلعة إلى أخ له من أهل القري، لَمْ يقدم معه سلعته؟ قال: لا ينبغي له ذلك، حكى ذلك كله عنه ابن عبد البرّ، ثم حكى عن ابن حبيب أنه قال: لا يبعث البدويّ إلى الحضريّ بمتاع يبيعه له، ولا يُشير عليه في البيع، إن قدم عليه، ثم حكى عن الليث بن سعد أنه قال: لا يشير الحاضر على البادي؛ لأنه إذا أشار عليه، فقد باع له؛ لأنَّ من شأن أهل البادية أن يرخصوا إلى أهل الحضر؛ لقلّة معرفتهم بالسوق.

وقال الأوزاعيّ: لا يبيع حاضر لباد، ولكن لا بأس أن يُخبره بالسعر.

وقال الشيخ تقيّ الدين ابن دقيق العيد في "شرح العمدة": [واعلم]: أن أكثر هذه الإحكام تدور بين اتّباع المعنى، واتّباع اللفظ، ولكن ينبغي أن يُنظر في المعنى إلى الظهور والخفاء، فحيث يظهر ظهورًا كثيرًا، فلا بأس باتّباعه،