للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَلْيَنْقَلِبْ)؛ أي: فليرجع (بِهَا)؛ أي: بالمصرّاة إلى بيته (فَلْيَحْلُبْهَا) بضمّ اللام، وكسرها (١)، من بابي نصر، وضرب. (فَإِنْ رَضِيَ حِلَابَهَا) بكسر أوله؛ أي: محلوبها، وهو اللبن، قال في "القاموس": الْحَلْبُ - أي: بسكون اللام - ويُحرَّك: استخراج ما في الضرع من اللبن، كالْحِلاب بالكسر، والاحتلاب، يَحْلُبُ - بضمّ اللام - وَيحْلِبُ - بكسرها - والْمِحْلَبُ، والْحِلابُ بكسرهما: إناء يُحْلَبُ فيه. انتهى (٢)، فأطلق الحلاب هنا، وأراد المحلوب، من إطلاق المصدر على المفعول.

(أَمْسَكَهَا)؛ أي: أمسك المصرّاة لنفسه، ولا يردّها إلى صاحبها (وَإِلَّا) أي: وإن لَمْ يرضها، بل سخطها (رَدَّهَما) وقوله: (وَمَعَهَا صَاعٌ) مبتدأ وخبره، الجملة حالية من المفعول، وقوله: (مِنْ تَمْرٍ) بيان للصاع. وفي رواية البخاريّ من طريق ثابت مولى عبد الرَّحمن بن زيد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "وإن سخطها، ففي حَلْبتها صاع تمر".

قال في "الفتح": قوله: "وفي حلبتها" - بسكون اللام -، على أنَّه اسم للفعل، ويجوز الفتح، على إرادة المحلوب، وظاهره أن التمر مقابل للحلبة، وزعم ابن حزم أن التمر في مقابلة الحلب، لا في مقابلة اللبن؛ لأنَّ الحلبة حقيقة في الحلب، مجاز في اللبن، والحمل على الحقيقة أولي، فلذلك قال: يجب رد التمر واللبن معًا، وشَذَّ بذلك عن الجمهور.

وظاهره أيضًا أن صاع التمر، في مقابل المصرّاة، سواء كانت واحدة، أو أكثر؛ لقوله: "من اشترى غنمًا" ثم قال: "ففي حلبتها صاع من تمر"، ونقله ابن عبد البرّ عمن استعمل الحديث، وابن بطال عن أكثر العلماء، وابن قُدامة عن الشافعيّة، والحنابلة، وعن أكثر المالكيّة: يردّ عن كلّ واحدة صاعًا حتى قال المازريّ: من المستبشع أن يغرَّم متلف لبن ألف شاة، كما يغرم متلف لبن شاة واحدة.

وأجيب بأنّ ذلك مغتفر بالنسبة إلى ما تقدّم من أن الحكمة في اعتبار الصاع قطع النزاع، فجُعل حدًّا يُرجع إليه عند التخاصم، فاستوى القليل


(١) راجع: "القاموس" مادّة: "حَلَبَ".
(٢) "القاموس المحيط" ١/ ٥٧.