للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هنا جمع حارس لقيل: حارسيّ، قالوا: ولا يقال: حارسيّ إلا إذا ذُهب به إلى معنى الحراسة دون الجنس. انتهى (١). (يَأْخُدُونَهَا) أي: تلك الصكاك (مِنْ أَيْدِي النَّاسِ) أي: الذين اشتروها ممن اشتراها ممن رُزقها، وليس المراد أنهم يأخذونها من أيدي أصحاب الصكاك الذين خرجت لهم من ولاة الأمور، فإنه كما سبق تحقيقه يجوز لهم بيعها، فتنبّه.

وقال ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "الاستذكار": مالك، عن نافع؛ أن حكيم بن حزام ابتاع طعامًا أمر به عمر بن الخطاب للناس، فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فردّه عليه، وقال: لا تبع طعامًا ابتعته حتى تستوفيه.

قال: ورَوَى هذا الحديث معمر، عن أيوب، عن نافع: أن حكيم بن حزام كان يشتري الأرزاق في زمن عمر بن الخطاب، فنهاه عمر أن يبيعها حتى يقبضها.

مالك؛ أنه بلغه أن صكوكًا خرجت للناس في زمان مروان بن الحكم من طعام الجار، فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها، فدخل زيد بن ثابت، ورجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مروان بن الحكم، فقالا: أتحل بيع الربا يا مروان؟ فقال: أعوذ بالله، وما ذاك؟ فقالا: هذه الصكوك تبايعها الناس، ثم باعوها قبل أن يستوفوها، فبعث مروان الْحَرَسَ يَتْبعونها ينزعونها من أيدي الناس، ويردّونها إلى أهلها.

قال أبو عمر: قد روَى ابنُ عيينة وغيره، عن الزهريّ، عن عبد الله بن عمرو؛ أنه كان لا يرى ببيع الصكوك إذا خرجت بأسًا، ويكره لمن اشتراها أن يبيعها حتى يقبضها، وعن معمر، عن الزهريّ، عن زيد بن ثابت مثله. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الأرجح في تأويل النهي عن بيع الصكاك هو بيع من اشترى تلك الصكاك عن أهلها قبل أن يقبض الطعام، لا بيع أصحاب الصكاك صكاكهم، فإنه جائز، فتبصّر، والله تعالى أعلم.


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٢٩.