للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لغير الله تعالى من دنيا يَقْصِدها، أو غرض عاجل يقصده، بقيت عُهْدَتُها عليه؛ لأنه مُنَافقٌ مُراءٍ غاشٌّ للإمام والمسلمين، غير ناصح في شيء من ذلك، ومن كان هذا حاله كان مُثيرًا للفتن بين المسلمين، بحيث يَسْفِك دماءهم، ويستبيح أموالهم، ويَهْتِك بلادهم، ويسعى في إهلاكهم؛ لأنه إنما يكون مع مَن بلّغه إلى أغراضه، فيبايعه لذلك، وينصره، ويغضب له، ويقاتل مخالِفَهُ، فينشأ من ذلك تلك المفاسد، وقد تكون هذه المخالفة في بعض أغراضه، فينكُث بيعته، ويطلب هلكته، كما هو حال أهل أكثر هذه الأزمان، فإنهم قد عمّهم الغدر، والخذلان. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله تعالى (١)، وهو تحقيقٌ حسنٌ جدًّا.

٥ - (ومنها): بيان أن كلّ عمل لا يراد به وجه الله تعالى، بل الغرض الدنيويّ، فإنه وبالٌ على صاحبه، وخسران مبين.

٦ - (ومنها): الوعيد الشديد لمن منع فضل الماء المسافر المحتاج إلى الماء، قال النوويّ: لكن يُسْتَثْنَى من ذلك الحربيّ، والمرتدّ، إذا أصرّا على الكفر، فلا يجب بذل الماء لهما. انتهى.

٧ - (ومنها): أن هذا الماء الذي ورد الوعيد فيه في هذا الحديث هو الذي قد نَهَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن منعه بقوله: "لا يُمْنَعُ فضلُ الماء؛ ليُمْنَعَ به الكلأُ"، متّفقٌ عليه.

وقد أجمع المسلمون على تحريم ذلك؛ لأنه مَنْعُ ما لا حقّ له فيه من مستحقّه، وربّما أتلفه، أو أتلف ماله وبهائمه، فلو منعه هذا الماء حتى مات عطشًا قِيد منه، عند مالك؛ لأنه قتله، كما لو قتله بالجوع، أو بالسلاح، قاله القرطبيّ رحمه الله تعالى (٢).

٨ - (ومنها): أنه يستفاد من مجموع أحاديث الباب عشر خصال مذمومة، وهي: (١) الإسبال، و (٢) المنّ بالعطاء، و (٣) تنفيق السلعة بالحلف الكاذب، و (٤) زنا الشيخ، و (٥) كَذِبُ الملك، و (٦) تكبّر الفقير، و (٧) منع فضل الماء من ابن السبيل، و (٨) مبايعة الإمام لأجل الدنيا، و (٩) الحلف بعد العصر على أخذ سلعة بكذا، ولم يأخذها به، و (١٠) الحلف بعد العصر على مال مسلم


(١) "المفهم" ١/ ٣٠٨ - ٣٠٩.
(٢) "المفهم" ١/ ٣٠٦.