للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أهله أتوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا نبيّ الله احْجُرْ عليه، فدعاه نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فنهاه، فقال: يا نبيّ الله لا أصبر عن البيع، قال: إذا بايعتَ، فقل: لا خلابة".

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ بَايَعْتَ) "من" موصولة، أو شرطيّة، والعائد محذوف؛ أي: الشخص الذي عقدت معه البيع (فَقُلْ) له وقت العقد (لَا خِلَابَةَ") - بكسر الخاء المعجمة، وتخفيف اللام -؛ أي: لا خَدِيعة، و"لا" لنفي الجنس؛ أي: لا خديعة في الدين؛ لأن الدين النصيحة.

زاد ابن إسحاق، في رواية يونس بن بكير، وعبد الأعلى عنه: "ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها، ثلاث ليال، فإن رضيتَ فأمسك، وإن سخطتَ، فاردد"، فبقي حتى أدرك زمان عثمان، وهو ابن مائة وثلاثين سنة، فكثر الناس في زمن عثمان، وكان إذا اشترى شيئًا، فقيل له: إنك غُبِنتَ فيه، رجع به، فيَشهَد له الرجلُ، من الصحابة بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قد جعله بالخيار ثلاثًا، فيردّ له دراهمه.

قال العلماء: لقّنه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هذا القول؛ ليتلفظ به عند البيع، فيَطّلع به صاحبه على أنه ليس من ذوي البصائر، في معرفة السِّلَع، ومقادير القيمة، فيَرَى له كما يرى لنفسه؛ لِمَا تقرر من حَضّ المتبايعين على أداء النصيحة، كما تقدم في قوله - صلى الله عليه وسلم -، في حديث حكيم بن حزام: "فإن صدقا وبيّنا، بورك لهما في بيعهما" الحديث.

(فَكَانَ إذَا بَايَعَ يَقُولُ: لَا خِيَابَةَ) أي: لا خديعة، ومنه قولهم: إذا لم تَغْلِبْ فاخلُب (١).

قال النوويّ - رحمه الله -: هو بياء مثناة تحتُ، بدل اللام، هكذا هو في جميع النسخ، قال القاضي: ورواه بعضهم: "لا خيانة" بالنون، قال: وهو تصحيف، قال: ووقع في بعض الروايات في غير مسلم: "خذابة" بالذال المعجمة، والصواب الأول، وكان الرجل ألثغ، فكان يقولها هكذا، ولا يمكنه أن يقول: "لا خلابة"، ومعنى "لا خلابة": لا خديعة؛ أي: لا تحلّ لك خديعتي، ولا يلزمني خديعتك. انتهى (٢).


(١) "المفهم" ٤/ ٣٨٥.
(٢) "شرح النووي" ١٠/ ١٧٧.