ونقل في "الفتح" في "كتاب الحيل" عن المهلّب، أنه قال: معنى قوله: "لا خلابة": لا تخلُبوني؛ أي: لا تَخدَعوني، فإن ذلك لا يحل، قال الحافظ: والذي يظهر أنه وارد مورد الشرط: أي إن ظهر في العقد خداع، فهو غير صحيح، كأنه قال: بشرط أن لا يكون فيه خديعة، أو قال: لا تلزمني خديعتك، قال المهلب: ولا يدخل في الخداع المحرم الثناءُ على السلعة، والإطناب في مدحها، فإنه متجاوز عنه، ولا يَنتقض به البيع. انتهى (١).
وقال الشوكانيّ - رحمه الله - في "النيل": اختَلَف العلماء في هذا الشرط، هل كان خاصًّا بهذا الرجل، أم يدخل فيه جميع من شرط هذا الشرط؟ فعند أحمد، ومالك في رواية عنه أنه يثبت الردّ لكل من شرط هذا الشرط، ويُثبتون الرد بالغبن لمن لم يعرف قيمة السلع. وأجيب بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إنما جعل لهذا الرجل الخيار للضَّعف الذي كان في عقله، كما في حديث أنس - رضي الله عنه -، فلا يُلحق به إلا من كان مثله في ذلك بشرط أن يقول هذه المقالة، ولهذا رُوي أنه كان إذا غُبن يشهد له رجل من الصحابة أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد جعله بالخيار ثلاثًا، فيرجع في ذلك، وبهذا يتبيّن أنه لا يصحّ الاستدلال بمثل هذه القصّة على ثبوت الخيار لكلّ مغبون، دران كان صحيح العقل، ولا على ثبوت الخيار لمن كان ضعيف. العقل إذا غُبن، ولم يقل هذه المقالة، وهذا مذهب الجمهور، وهو الحقّ. انتهى ملخّصًا.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أنّ ما ذهب إليه الإمام أحمد - رحمه الله - من إثبات خيار الغَبْنِ هو الأرجح، كما سيأتي قريبًا - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٢/ ٣٨٥٤ و ٣٨٥٥](١٥٣٣)، و (البخاريّ) في