للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أن أمد الخيار المشترط ثلاثة أيام، من غير زيادة؛ لأنه حُكْم ورد على خلاف الأصل، فيُقتصر به على أقصى ما ورد فيه، ويؤيده جعل الخيار في الْمُصَرّاة ثلاثة أيام، واعتبار الثلاث في غير موضع.

وأغرب بعض المالكية، فقال: إنما قصره على ثلاث؛ لأن معظم بيعه كان في الرقيق. وهذا يحتاج إلى دليل، ولا يكفي فيه مجرد الاحتمال.

٤ - (ومنها): أنه استُدلّ به على أن من قال عند العقد: لا خلابة، أنه يصير في تلك الصفقة بالخيار، سواء وَجَدَ فيه عيبًا، أو غبنًا، أم لا، وبالغ ابن حزم في جموده، فقال: لو قال: لا خديعة، أو لا غشّ، أو ما أشبه ذلك، لم يكن له الخيار، حتى يقول: لا خلابة.

ومن أسهل ما يُردّ به عليه، أنه ثبت في "صحيح مسلم" أنه كان يقول: لا خيابة - بالتحتانية، بدل اللام، وبالذال المعجمة بدل اللام أيضًا -، وكأنه كان لا يفصح باللام؛ للثغة لسانه، ومع ذلك لم يتغير الحكم في حقه، عند أحد من الصحابة، الذين كانوا يشهدون له، بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، جعله بالخيار، فدل على أنهم اكتفوا في ذلك بالمعنى.

٥ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أن الكبير لا يُحجر عليه، ولو تبين سفهه؛ لما تقدّم في حديث أنس - رضي الله عنه -؛ أن أهله أتوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول اللهُ احجُر عليه، فدعاه، فنهاه عن البيع، فقال: لا أصبر عنه، فقال: "إذا بايعت، فقل: لا خلابة".

وتُعُقّب بأنه لو كان الحَجر على الكبير لا يصح، لأنكر عليهم، وأما كونه لم يحجر عليه، فلا يدل على منع الحجر على السفيه.

٦ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على جواز البيع، بشرط الخيار، وعلى جواز شرط الخيار للمشتري وحده.

٧ - (ومنها): أن فيه ما كان أهل ذلك العصر عليه، من الرجوع إلى الحقّ، وقبول خبر الواحد، في الحقوق وغيرها. قاله في "الفتح" (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الفتح" ٥/ ٥٧٩ - ٥٨٠.