للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من أكل المال بالباطل؛ ولأنه غرر، وبيع الغرر مُحرّم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه - رحمه الله - هذا الذي قاله القرطبي: من ترجيح مذهب الجمهور في تحريم بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وبطلان البيع فيه، هو الحقّ الذي يجب التمسّك به، ورفض ما عداه مما يعارض النصوص الصحيحة الصريحة لمخالفتها القياس؛ لأن القياس في مقابلة النصّ باطلٌ، ولقد أجاد من قال، وأحسن في المقال [من الوافر]:

إِذَا جَالَتْ خُيُولُ النَّصِّ يَوْمًا … تُجَارِي فِي مَيَادِينِ الْكِفَاحِ

غَدَتْ شُبَهُ الْقِيَاسِيِّينَ صَرْعَى … تَطِيرُ رُؤُوسُهُنَّ مَعَ الرِّيَاحِ

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): قال وليّ الدين - رحمه الله -: حمل الفقهاء من المذاهب الأربعة المنع من بيع الثمرة قبل بدوّ الصلاح على ما إذا باعها مفردة عن الأشجار، فإن باعها مع الأشجار صحّ مطلقًا، من غير شرط القطع، بل قال أصحابنا: لا يجوز شرط القطع في هذه الصورة، وأنكر ذلك ابن حزم، وأبشع في إنكاره، وهو مردود، والحق ما قاله الجمهور، وأيّ معنى للقطع، والأشجار ليست باقية للبائع، بل هي مبيعة للمشتري؟ انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): مقتضى قوله: "حتى يبدو صلاحها": جواز بيعها بعد بُدُوّ الصلاح مطلقًا، سواء اشترط الإبقاء، أم لم يشترط؛ لأن ما بعد الغاية مخالف لما قبلها، وقد جعل النهي ممتدًا إلى غاية بدوّ الصلاح.

وإلى الفرق بين ما قبل ظهور الصلاح، وبعده، ذهب الجمهور، وعن أبي حنيفة: إنما يصح بيعها في هذه الحالة، حيث لا يشترط الإبقاء، فإن شرطه لم يصح البيع، وحَكَى النوويّ عنه أنه أوجب شرط القطع، في هذه الصورة.

وتُعُقّب بأن الذي صرح به أصحاب أبي حنيفة، أنه صحح البيع حالة الإطلاق، قبل بدو الصلاح وبعده، وأبطله بشرط الإبقاء قبله وبعده، وأهل


(١) "المفهم" ٤/ ٣٨٨.