للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "الفتح": هي عطيّة ثمر النخل، دون الرقبة، كان العرب في الجدب يتطوّع أهل النخل بذلك على من لا ثمر له، كما يتطوّع صاحب الشاة، أو الإبل بالْمَنِيحَة، وهي عطيّة اللبن، دون الرقبة، قال حسّان بن ثابت - رضي الله عنه - فيما ذكر ابن التين، وقال غيره: هي لسُوَيد بن الصَّامت الأنصاريّ [من الطويل]:

فَلَيْسَتْ بِسَنْهَاءَ وَلَا رُجَّبِيَّةِ (١) … وَلَكِنْ عَرَايَا فِي السِّنِينَ الْجَوَائِحِ

ومعنى "سنهاء": أن تَحمِل سنة دون سنة، والرّجّبية: التي تُدَعَّم حين تميل من الضعف. والعرية: فَعِيلة بمعنى مفعولة، أو فاعلة، يقال: عَرَى النخلَ - بفتح العين، والراء - بالتعدية يَعرُوها: إذا أفردها عن غيرها، بأن أعطاها لآخر، على سبيل الْمِنْحَة؛ ليأكل ثمرها، وتَبقَى رقبتها لمعطيها، ويقال: عَرِيت النخلُ - بفتح العين، وكسر الراء - تَعرَى على أنه قاصر، فكأنها عَرِيت عن حكم أخواتها، واستُثبتت بالعطية، واختلف في المراد بها شرعًا (٢)، وسيأتي بيان ذلك في المسألة الرابعة في شرح حديث زيد بن ثابت التالي - إن شاء الله تعالى -.

وبالسند المتصل الى المؤلف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[٣٨٧١] (١٥٣٩) - (وَحَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثنا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ؛ أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ (٣)، وَالْمُحَاقَلَة، وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يُبَاعَ ثَمَرُ النَّخْلِ بِالتَّمْر، وَالْمُحَاقَلَةُ أَنْ يُبَاعَ الزَّرْعُ بِالْقَمْح، وَاسْتِكْرَاءُ الأَرْضِ بِالْقَمْحِ.

قَالَ: وَأَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أنهُ قَالَ: "لَا تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَلَا تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ بِالتمْرِ".

وَقَالَ سَالِمٌ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الله، عَنْ زيدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أَنهُ رَخَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ في بَيْعِ الْعَرِيَّةِ بِالرَّطَب، أَوْ بِالتمْر، وَلَمْ يُرَخِّصْ في غَيْرِ ذَلِكَ).


(١) قال في "اللسان": يروى "رُجبيّة" بضتم الراء، وتخفيف الجيم المفتوحة، وتشديدها. انتهى.
(٢) "الفتح" ٥/ ٦٦٢.
(٣) وفي نسخة: "نهى عن المزابنة".