المخصوص، ونَهْيُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع العنب بالزبيب، لم يدخله تخصيص، فيقاسَ عليه، وكذلك سائر الثمار، والله أعلم. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بعدم إلحاق غير التمر بالتمر هو الأرجح عندي؛ لظهور أدلّته، عملًا بالنصّ؛ لأن الترخيص في ذلك على خلاف الأصل؛ لأن الأصل عدم جواز بيع الرطب بالتمر؛ لعدم تساويهما كيلًا، وهو المسمّى بالمزابنة الذي ورد النهي عنه، فما ثبتٌ على خلاف الأصل يُقتصر عليه، فلا يكون محلًّا للقياس، فتأمّل بإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب.
[تنبيه]: تكلّم الحافظ الرشيد العطّار رحمه الله في "غُرَر الفوائد"(١/ ٢٧٨) على هذا السند، فقال: هذا من الأحاديث المرسلة، وهو حديث يَشتمل على ثلاثة أحاديث، اثنان مرسلان، والثالث متصل، أخرجه في "كتاب البيوع"، فقال فيه: وحدَّثني محمد بن رافع، ثنا حُجَين، ثم ساقه إلى آخره، ثمّ قال: هكذا أورده مسلم رحمه الله في كتابه.
[فإن قيل]: كيف اختار إخراج المراسيل في "صحيحه"، وليست من شرطه، ولا داخلة في رَسْمه؟.
[فالجواب]: أن مسلمًا رحمه الله من عادته أن يورد الحديث كما سمعه، وكان هذا الحديث عنده عن محمد بن رافع على هذه الصفة، فأورده كما سمعه منه، ولم يَحتَجّ بالمرسل الذي فيه، وإنما احتَجَّ بما في آخره من المسند، وهو حديث سالم، عن عبد الله، عن زيد بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ بعد ذلك في بيع الْعَرِيّة … الحديث، فهذا القدر الذي احتَجَّ به مسلم منه.
[فإن قيل]: فقد كان يمكنه أن يقتصر على هذا المسند خاصّةً، وَيحذف ما فيه من المرسيل، ولا يطوِّل كتابه بما ليس من شرطه.
[قيل]: هذه مسألة اختَلَف العلماء فيها، فمنهم من أجاز تقطيع الحديث الواحد، وتفريقه في الأبواب، إذا كان مشتملًا على عِدّة أحكام، كل حكم منها مستقل بنفسه، غير مرتبط بغيره؛ كحديث جابر الطويل في الحجّ، ونحوه.