للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أوس بن حجر (١) [من الطويل]:

وَمُسْتَعْجِبٍ مِمَّا رَأَى مَنْ أنَاتِنَا … وَلَوْ زَبَنَتْهُ الْحَرْبُ لَمْ يَتَرَمْرمِ (٢)

٣ - (ومنها): أن فيه حجةً للجمهور على تحريم بيع الرُّطْب من الربويّ باليابس منه، ولو تساوَيا في الكيل، أو الوزن، وهذا مدلول المزابنة كما تقدم، والمعنى فيه أن الاعتبار بالتساوي حالة الكمال، ولا يلزم من مساواة الرَّطْب له في حالة الرطوبة مساواته في حالة الجفاف؛ إذ ينقص بجفافه كثيرًا، وقد ينقص قليلًا، وهذا مذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وأكثر العلماء من السلف، وجَوَّز أبو حنيفة البيع في هذه الصورة مع التساوي، واكتفى بالمساواة حالة الرطوبة، وهذا الحديث حجة عليه، وقال النوويّ: اتَّفَقَ العلماء على تحريم بيع الرُّطَب بالتمر في غير العرايا، وأنه رِبًا، وعلى تحريم بيع العنب بالزبيب، وسواء عند جمهورهم كان الرُّطَب والعنب على الشجر، أو مقطوعًا، وقال أبو حنيفة: إن كان مقطوعًا جاز بيعه بمثله من اليابس.

قال وليّ الدين: ولم أر في كتب الحنفية تقييد ذلك عن أبي حنيفة رحمهُ اللهُ بالمقطوعة. انتهى (٣).

٤ - (ومنها): أن قوله: "كيلًا" ليس تقيدًا للنهي بهذه الحالة، فإنه متى كان جِزافًا فلا كيل، بل كان أولى بالمنع، وكانه إنما قَيَّد بذلك لأنها صورة المبايعة التي كانوا يتعاملون بها، فلا مفهوم له؛ لخروجه على سبب، أو له مفهوم، لكنه مفهوم الموافقة؛ لأن المسكوت عنه أولى بالمنع من المنطوق.

٥ - (ومنها): بيان أن معيار التمر والزبيب الكيل، وهو كذلك، قاله وليّ الدين رحمهُ اللهُ (٤).

٦ - (ومنها): تسمية العنب كَرْمًا، وقد ورد النهي عنه، وتبيّن بهذا الحديث جوازه، وأن ذلك النهي إنما هو للأدب والتنزيه، دون المنع والتحريم، قاله وليّ الدين رحمهُ اللهُ.


(١) هكذا في "لسان العرب"، وفي "التمهيد": وقال معاوية، فليُحرّر.
(٢) أي لم يحرك شفته بالكلام.
(٣) "طرح التثريب" ٦/ ١٣٤ - ١٣٥.
(٤) "طرح التثريب" ٦/ ١٣٥.