للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: ولنا أن ما جاز اشتراط جميعه، جاز اشتراط بعضه، كمدة الخيار، وكذلك القول في ما إذا اشترط بعضه.

[الثالث]: أن الثمرة إذا بقيت للبائع، فله تركها في الشجر، إلى أوان الجذاذ، سواء استحقها بشرطه، أو بظهورها، وبه قال مالك، والشافعيّ، وقال أبو حنيفة: يلزمه قطعها، وتفريغ النخل منها؛ لأنه مبيع مشغول بملك البائع، فلزم نقله، وتفريغه، كما لو باع دارًا فيها طعام، أو قُماش له.

قال: ولنا أن النقل والتفريغ للمبيع على حسب العرف والعادة، كما لو باع دارًا، فيها طعام، لم يجب نقله إلا على حسب العادة في ذلك، وهو أن ينقله نهارًا، شيئًا بعد شيء، ولا يلزمه النقل ليلًا، ولا جَمْع دواب البلد لنقله، كذلك ههنا يُفَرّغ النخل من الثمرة في أوان تفريغها، وهو أوان جذاذها، وقياسه حجة لنا؛ لِمَا بيّناه.

إذا تقرر هذا، فالمرجع في جذّه إلى ما جرت به العادة، فإذا كان المبيع نخلًا، فحين تتناهى حلاوة ثمره، إلا أن يكون مما بُسره خير من رُطَبه، أو ما جرت العادة بأخذه بسرًا، فإنه يجذّه حين تَستحكم حلاوة بسره؛ لأن هذا هو العادة، فإذا استحكمت حلاوته، فعليه نقله، دوان قيل: بقاؤه في شجره خير له، وأَبقَى فعليه النقل؛ لأن العادة في النقل، قد حصلت، وليس له إبقاؤه بعد ذلك، وإن كان المبيع عنبًا، أو فاكهة سواه، فأخذه حين يتناهى إدراكه، وتستحكم حلاوته، ويُجذّ مثله، وهذا قول مالك، والشافعي. انتهى كلام ابن قُدامة رحمهُ اللهُ (١)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلف رحمهُ اللهُ أوّل الكتاب قال:

[٣٨٩٥] ( … ) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ (ح) وَحَدثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثنا أَبِي، جَمِيعًا عَنْ عُبَيْدِ اللهِ (ح) وَحَدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدثَنَا عُبَيْدُ الله، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ


(١) "المغني" ٦/ ١٣٠ - ١٣٣.