للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمَنِيحة. انتهى (١). (أَخَاهُ) المراد به المسلم، وإن كان أجنبيًّا عنه، كما قال الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم أخو المسلم … " الحديث (فَإِنْ أَبَى) أي: امتنع من زراعتها بنفسه؛ لعجزه، أو غير ذلك، وقيل: معناه: فإن أبي أخوه أن يقبل العارية.

وفي رواية عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء الآتية: "فإن لم يستطع أن يزرعها، وعجز عنها، فليمنحها أخاه المسلم، ولا يؤاجرها إيّاه" (فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ") أي: فلا يمنحها، ولا يُكريها.

وقد استُشكِل هذا بأن في إمساكها بغير زراعة تضييعًا لمنفعتها، فيكون من إضاعة المال، وقد ثبت النهي عنها.

وأجيب بحمل النهي عن إضاعة عين المال، أو منفعة لا تُخْلَف؛ لأن الأرض إذا تُرِكت بغير زرع لم تتعطل منفعتها، فإنها قد تُنبت من الكلإ، والحطب، والحشيش ما ينفع في الرعي وغيره، وعلى تقدير أن لا يحصل ذلك، فقد يكون تأخير الزرع عن الأرض إصلاحًا لها، فتُخلف في السنة التي تليها ما لعله فات في سنة الترك، وهذا كله إن حُمِل النهي عن الكراء على عمومه، فأما لو حُمل الكراء على ما كان مالوفًا لهم من الكراء بجزء مما يخرج منها، ولا سيما إذا كان غير معلوم، فلا يستلزم ذلك تعطيل الانتفاع بها في الزراعة، بل يُكريها بالذهب، أو الفضة، كما تقرر ذلك، قاله في "الفتح" (٢).

[تنبيه]: قد توسّع المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - في هذا الباب بجمع أحاديث المزارعة، فأجاد، وأفاد، فذكر: حديث جابر - رضي الله عنه -: "نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كراء الارض، وعن بيعها السنين، وعن بيع الثمر حتى يطيب وفي رواية: "نهى عن كراء الأرض لا، وفي رواية: لامن كانت له أرض، فليَزرَعها، فإن لم يزرعها، فليُزرِعها أخاه وفي رواية: "من كانت له فضل أرض فليزرعها، أو ليَمنحها أخاه، فإن أبي فليُمسك أرضه وفي رواية: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤخذ للأرض أجرٌ، أو حظّ وفي رواية: "من كانت له أرض فليَزرعها، فإن


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٨٠.
(٢) "الفتح" ٦/ ١٤٤.