(وَانَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) بفتح "أنّ"؛ لكونها معطوفةً على قوله:"أنه بايع … إلخ"، فهو مفعول ثانٍ لـ "أخبر" (قَالَ: "مَنْ) شرطيّة، جوابها قوله: "فهو كما قال" (حَلَفَ) أي أقسم (عَلَى يَمِينِ) المراد باليمين هنا: المحلوف عليه، بدليل ذكره المحلوف به، وهو بـ "ملةَ غير الإسلام"، ويجوز أن يقال: إنّ "على" صلةٌ، وينتصب "يمين" على أنه مصدر مُلاقٍ في المعنى، لا في اللفظ، قاله القرطبيّ.
(بِمِلَّةٍ) - بكسر الميم، وتشديد اللام -: الدين والشريعة، وهي نكرة في سياق الشرط، فتعمّ جميع الْمِلَل، من أهل الكتاب، كاليهود، والنصرانيّة، ومن لَحِق بهم من المجوسيّة، والصابئة، وأهل الأوثان، والدَّهريّة، والمعطّلة، وعَبَدَة الشياطين، والملائكة، وغيرهم.
قال الصنعانيّ رحمه الله تعالى في "العدّة": لا يتبادر من قوله: "على يمينٍ بملّة" إلا أن الملّة محلوف بها، وأنه قال الحالف: وملّةِ اليهوديّة، وقوله: "كاذبًا" حال من فاعل "حَلَفَ"، وحَلَفَ يتضمّن عَظَّمَ، إذ الحلِفُ تعظيم للمحلوف به قطعًا، فقوله: "كاذبًا"، فكأنه قال: مَن حلف معظّمًا لملّة اليهوديّة، حال كونه كاذبًا في تعظيمه إياها بحلفه، إذ الحلف يتفرعّ عن تعظيم ما حُلِف به، فكَذِبه كان بتعظيمه ما أهانه الله تعالى، والحلف بالشيء يتضمّن الإخبار بتعظيمه، ولذا يقول صاحب الملك: وحياةِ الملك، فإن هذا حلف يتضمّن الإخبار باعتقاده، وتعظيم مَن حلف به، هذا مما لا ريب فيه. انتهى (١).
(غَيْرِ الْإِسْلَامِ) بالجرّ صفة لـ "ملّةٍ": أي بملّة غيرِ دين الإسلام، أيَّ دِينٍ كان، كما ذُكر بيانه آنفًا.
(كَاذِبًا) زاد في الرواية الآتية من طريق الثوريّ، عن خالد الحذّاء: "مُتَعَمّدًا"، قال القاضي عياضٌ رحمه الله تعالى: قوله: "كاذبًا متعمّدًا" تفرّد بزيادتها - يعني: لفظة "متعمّدًا" - سفيان الثوريّ، وهي زيادة حسنة، يستفاد منها أن الحالف المتعمّد إن كان مُطمئنّ القلب بالإيمان، وهو كاذبٌ في تعظيم