٥ - (ابْنُ عَبّاسٍ) - رضي الله عنهما -، تقدّم أيضًا قريبًا.
شرح الحديث:
(عَنْ عَمْرِو) بن دينار (أَن مُجَاهِدًا) هو ابن جَبر أبو الحجّاج المخزوميّ، تقدّم قريبًا (قَالَ لِطَاوُسِ) بن كيسان (انْطَلِقْ) أي: اذهب (بِنَا إِلَى ابْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ) لم يُسمَّ، ولكن لا يضرّ ذلك بصحّة؛ لأنه في المتن، وليس في الإسناد، وإنما نبّهت عليه، وإن كان واضحًا؛ لأن بعض من لم يمارس هذا الفنّ ربّما يستشكل ذلك، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.
وفي رواية النسائيّ:(عَنْ عَمْرِو بْن دِينَارٍ قَالَ: كَانَ طَاوُس يَكْرَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ أَرْضَهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّة، وَلَا يَرَى بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ بَأسًا، فقال له مجاهد: اذهب بنا إلى ابن رافع بن خَديج … ).
ولعل طاوسًا حَمَل النهي على المؤاجرة بالذهب والفضّة، وأباح بالثلث والربع؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج منها.
ثم إن الظاهر أن مجاهدًا إنما قال له ذلك؛ لئلا يتعامل بالمزارعة؛ لأنه كان يُزارع، ومجاهد لا يرى ذلك، فأراد أن يقيم عليه الحجة في ذلك بما يسمعه من حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه - بواسطة ابنه.
وهذا الذي رواه عمرو بن دينار مما جرى لمجاهد مع طاوس وقع له مثله معه، كما سيأتي في الرواية التالية.
(فَاسْمَعْ مِنْهُ الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيه، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: الحديث الذي يحدّث به عن أبيه، عنه - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن المخابرة، فإن المشهور في معنى المخابرة أنها المعاملة على الأرض ببعض ما يخرُج منها، فتدخل في النهي الصورة التي يتعامل بها طاوس، فأراد أن يَسْمَع الحديث، فيترك تلك المعاملة، والله تعالى أعلم.
وقال النووي رحمه الله:"قوله: "فاسمع منه" رُوي بوصل الهمزة مجزومًا على الأمر، وبقطعها مرفوعًا على الخبر، وكلاهما صحيح، والأول أجود. انتهى (١).