وبالسند المتّصل إلى المؤلف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[٣٩٥١]( … ) - (وَحَدَّثَنَا ابْنُ أبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، وَابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ طَاوُسٍ؛ أنَّهُ كَانَ يُخَابِرُ، قَالَ عَمْرُو: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن، لَوْ تَرَكْتَ هَذِهِ الْمُخَابَرَةَ، فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَة، فَقَالَ: أَيْ عَمْرُو، أَخْبَرَنِي أَعْلَمُهُمْ بِذَلِكَ - يَعْني ابْنَ عَبَّاسٍ - أَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَنْهَ عَنْهَا، إِنَّمَا قَالَ:"يَمْنَحُ أَحَدُكُمْ أخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأُخُذَ عَلَيْهَا خَرْجًا مَعْلُومًا").
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (ابْنُ أَبِي عُمَرَ) هو: محمد بن يحيى بن أبي عمر الْعَدنيّ، ثم المكيّ، تقدّم قريبًا.
٢ - (سُفْيَانُ) بن عيينة، تقدّم قبل باب.
٣ - (ابْنُ طَاوُسٍ) هو: عبد الله بن طاوس، تقدّم قريبًا.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله:(لَمْ يَنْهَ عَنْهَا) أي: عن المخابرة - أي: المزارعة بجزء مما يخرُج من الأرض، ولم يُرِد ابن عباس بذلك نفي الرواية المثبتة للنهي مطلقًا، وإنما أراد أن النهي الوارد عنه ليس على حقيقته، وإنما هو على الأولويّة. وقيل: المراد أنه لم ينه عن العقد الصحيح، وإنما نهى عن الشرط الفاسد، لكن قد وقع في رواية الترمذيّ:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُحرّم المزارعة"، فيقوّي التأويل الأول، أفاده في "الفتح"(١).
وقوله: ("يَمْنَحُ) بتقدير حرف مصدريّ؛ أي: أن يمنح، وهو كقوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} الآية [الروم: ٢٤]، ومنهم قولهم: "تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه".
وقوله:(خَرْجًا مَعْلُومًا) أي: أجرة، زاد ابن ماجه، والإسماعيليّ، عن طاوس: "وإن معاذ بن جبل أقرّ الناس عليها عندنا"، يعني باليمن.