للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السواد، فجاز ذلك فيه لتبعية الأصول، وشرط في الجواز اتفاق البياض والأصول في الجزء، فلو اختلفا في الجزء لم يجز لزوال التبعية.

وقال غيره: يجوز أن يكون الذين ساقوا غير الذين زارعوا، وتكون مزارعته لمن زارعه منهم على الوجه الجائز فيها، ثم إن الراوي نقل ذلك جملة، ولم يفصّل كيف وقعت المزارعة، ولا من الذين ساقوا من الذين زورعوا. انتهى (١).

(فَكَانَ) - صلى الله عليه وسلم - (يُعْطِي أَزْوَاجَهُ كل سنَةٍ) بنصب "كلَّ" على الظرفيّة و"يُعطي"، وقوله: (مِائَةَ وَسْقٍ) منصوب على أنه مفعول ثان لـ"يُعطي"، والأول "أزواجه"، وقوله: (ثَمَانِينَ وَسْقًا) بنصب "ثمانين" على البدليّة من "مائة وسق"، وتقدَّم أن الوسق، بفتح الواو وكسرها: ستون صاعًا بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو حِمْلُ بعير، وقوله: (مِنْ تَمْرٍ) بيان للوسق (وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ) قال القرطبيّ رحمه الله: يريد - صلى الله عليه وسلم - بقسمته بينهن أن لا تطالبه واحدة منهن بنفقة تلك السنة، وهذا - والله أعلم - كان بعد أن كان أزواجه طالبنه بالنفقة، وأكثرن عليه، كما تقدَّم في "كتاب النكاح"، ويدلّ هذا على أن ادّخار ما يحتاج الإنسان إليه، ويُعِدّه للحاجات المتوقعة في الاستقبال ليس قادحًا في التوكل، ولا منقصًا منه. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "وعشرين وسقًا من شعير" قال العلماء: هذا دليل على أن البياض الذي كان بخيبر الذي هو موضع الزرع أقل من الشجر.

قال: وفي هذه الأحاديث دليل لمذهب الشافعيّ، وموافقيه أن الأرض التي تُفتح عنوةً تُقْسَم بين الغانمين الذين افتتحوها، كما تقسم بينهم الغنيمة المنقولة بالإجماع؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قسم خيبر بينهم، وقال مالك، وأصحابه: يَقِفها الإمام على المسلمين، كما فعل عمر - رضي الله عنه - في أرض سواد العراق، وقال أبو حنيفة، والكوفيون: يتخير الإمام بحسب المصلحة في قسمتها، أو تركها في أيدي من كانت لهم بخراج يوظفه عليها، وتصير ملكًا لهم، كأرض


(١) "المفهم" ٤/ ٤١٥.
(٢) "المفهم" ٤/ ٤١٦.