للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - أنه (قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ) وفي الرواية الماضية: "عامل أهل خيبر" (بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ) بالبناء للفاعل أي: بنصف الخارج منها، فشطر كل شيء: نصفه، قاله الفيّوميّ.

وفي الرواية الآتية من طريق محمد بن عبد الرحمن، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنه دفع إلى يهود خيبر، نخل خيبر، وأرضها على أن يعتملوها من أموالهم، ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شطر ثمرها".

قال القرطبيّ رحمه الله: يعني به النفقة فيما تحتاج الثمرة إليه، من نفقة الأجراء، والدّوابّ، والعلوفة، والآلات، والأجر في العزاق، والجداد، وغير ذلك مما يذهب بذهاب المساقاة، وأما ما يبقى بعدها، كبناء حائط، أو حفر بئر، أو نحوه، فلا يلزم العامل. انتهى (١).

وقوله: (مِنْ ثَمَرٍ، أَوْ زَرْعٍ) بيان لـ"ما يخرُج".

قال القرطبيّ رحمه الله: وقوله: "من ثمر أو زرع"؛ بإثبات لفظ: "أو" التي للتنويع، أو بمعنى: الواو، كما قال في الرواية الأخرى: "على نصف ما يخرج منها من الثمر والزرع"؛ بغير ألف.

قال: وظاهر هذا الحديث: أن أرض خيبر -. أعني: بياضها - كان كثيرًا، وأنه كان مقصودًا له - صلى الله عليه وسلم - ولهم، وأنه ضم المساقاة في الأصول وكراء الأرض بما يخرج منها في عقد واحد.

وتمسَّك به من قال: يجوز كراء الأرض بجزء مما تنبت، كما تقدم، ويتمسَّك به أيضًا من يجوِّز أن يضم إلى المساقاة عقد غيرها.

قال: والجمهور على ترك هذا الظاهر؛ لِمَا تقدَّم في منع كراء الأرض بجزء مما يخرج منها. وإذا منع ذلك منفردًا للغرر والرِّبا؛ كان أحرى، وأولى أن يمنع إذا اجتمع مع غيره مما يكثر فيه الغرر، ولمّا كان ذلك حمل الجمهور هذا على أحد محملين:

فأمَّا مالك فقال: إن بياض خيبر كان قليلًا تابعًا للأصول بين أضعاف


(١) "المفهم" ٤/ ٤١٨.