للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لك: "كيف بك إذا أفضت بك راحلتك نحو الشام يومًا، ثم يومًا"؟.

وقسمها عمر بين من كان شهد خيبر من أهل الحديبية. انتهى (١).

فبهذا تبيّن أن الذي قسمه عمر - رضي الله عنه - ليس سهم النبيّ - صلى الله عليه وسل - فقط، بل أسهم الغانمين كلّهم، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(خَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) هكذا وقع في النسخ، "خَيَّرَ" بدون عاطف، فيكون بدلًا من "قسم"، وفي رواية البخاريّ: "وقسم عمر خيبر، فخيّر أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ) بضمّ حرف المضارعة، من الإقطاع رباعيًّا، قال الفيّوميّ رحمه الله: وأَقْطَعَ الإمامُ الْجُندَ البلدَ إقطاعًا: جَعَلَ لهم غَلَّتها رِزْقًا، واستقطعته: سألته الإقطاعَ، واسم ذلك الشيء الذي يُقْطَعُ قَطِيعَة. انتهى (٢).

وقوله: (الأَرْضَ وَالْمَاءَ) منصوب على المفعوليّة لـ" يُقطع" (أَوْ يَضْمَنَ) بفتح حرف المضارعة، مضارع ضَمِنَ، كتَعِبَ، يقال: ضَمِنتُ المالَ، وبه ضَمَانًا، فأنا ضامنٌ، وضَمِينٌ: التَزَمته، ويتعدّى بالتضعيف، فيقال: ضَمَّنته المالَ: ألزمته إياه، قاله الفيّوميّ رحمه الله (٣). (لَهُنَّ الأَوْسَاقَ) بالفتح: جمع وَسْقٍ، وهو مفعول "يَضْمَنَ"، وتقدّم معناه قريبًا، وقوله: (كُلَّ عَامٍ) منصوب على الظرفيّة لـ "يَضْمَنَ" (فَاخْتَلَفْنَ) أي: في قبول هذا التخيير، ثمّ بيّن وجه اختلافهنّ بقوله: (فَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الأَرْضَ وَالْمَاءَ، وَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الأَوْسَاقَ كُلَّ عَامٍ، فَكَانَتْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ) - رضي الله عنهما - (مِمَّنِ اخْتَارَتَا الأَرْضَ وَالْمَاءَ) قال القرطبيّ رحمه الله: وإنما خيّر عمر - رضي الله عنه - أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بين إقطاع الأرض، وبين ضمان الأوساق مبالغةً في صيانتهن، وكفايتهن التبذل في تحصيل ذلك، فسلك معهنّ ما يطيب قلوبهن ويصونهن، ولم يكن هذا الإقطاع لمن اختاره منهنّ إقطاع تمليك؛ لأنه لو كان ذلك منه لكان تغييرًا لِمَا فعله النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال عمر لعليّ والعباس - رضي الله عنهم -: لا أغيّر من أمره شيئًا، إني أخاف إن غيّرت من أمرها شيئًا أن أزيغ، وقد كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما تركت بعد نفقة عيالي، ومؤونة عاملي فهو صدقة"، ووقف


(١) "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ١١/ ٦٠٧ - ٦٠٩.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٩.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٣٦٤.