والكرْم، وجميع الشجر الذي من شأنه أن يُثمر بجزء معلوم، يُجعل للعامل من الثمرة، وبه قال الجمهور، وخصّه الشافعيّ في الجديد بالنخل والكرم، وألحق المُقْل بالنخل لِشَبَهِهِ به، وخصّه داود بالنخل.
وقال أبو حنيفة، وزفر: لا يجوز بحال؛ لأنها إجارة بثمرة معدومة، أو مجهولة.
وأجاب من جوّزه بأنه عقد على عمل في المال ببعض نمائه، فهو كالمضاربة؛ لأن المضارب يعمل في المال بجزء من نمائه، وهو معدوم، ومجهول، وقد صح عقد الإجارة، مع أن المنافع معدومة، فكذلك هنا، وأيضًا فالقياس في إبطال نصّ، أو إجماع مردود.
وأجاب بعضهم عن قصّة خيبر بأنها فُتحت صُلحًا، وأُقِرّوا على أن الأرض مُلكهم بشرط أن يُعطوا نصف الثمرة، فكان ذلك يؤخذ بحق الجزية، فلا يدل على جواز المساقاة.
وتُعُقب بأن معظم خيبر فتح عنوة، وبأن كثيرًا منها قُسم بين الغانمين، وبأن عمر - رضي الله عنه - أجلاهم منها، فلو كانت الأرض مُلكهم ما أجلاهم عنها. انتهى (١).
٣ - (ومنها): أنه استَدَلّ به من أجاز المساقاة في جميع الثمار - وهو المذهب الراجح -؛ لأن في بعض طرقه:"بشطر ما يخرُج منها من نخل، وشجر"، وفي رواية حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن عمر في حديث الباب:"على أن لهم الشطر من كلّ زرع، ونخل، وشجر"، وهو عند البيهقيّ من هذا الوجه.
٤ - (ومنها): أن قوله: "بشطر ما يخرج" يدلّ على أنه لا تجوز المزارعة، والمساقاة، إلا على جزء معلوم، لا مجهول، قال النوويّ رحمه الله: فيه بيان الجزء المساقَى عليه، من نصف، أو ربع، أو غيرهما، من الأجزاء المعلومة، فلا يجوز على مجهول، كقوله: على أن لك بعض الثمر، واتَّفَق المجوّزون للمساقاة على جوازها بما اتَّفَقَ المتعاقدان عليه، من قليل، أو