العلماء، وقال أبو حنيفة: لا يجوز، وتأوَّل هذه الأحاديثَ على أن خيبر فُتِحت عَنْوَةً، وكان أهلها عَبيدًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما أخذه فهو له، وما تركه فهو له.
واحتَجَّ الجمهور بظواهر هذه الأحاديث، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُقِرُّكم ما أقركم الله"، وهذا حديث صريح في أنهم لم يكونوا عَبيدًا.
قال القاضي عياض رحمه الله: وقد اختلفوا في خيبر، هل فُتِحت عَنْوَةً، أو صلحًا، أو بجلاء أهلها عنها بغير قتال، أو بعضها صلحًا، وبعضها عنوةً، وبعضها جلا عنه أهله، أو بعضها صلحًا، وبعضها عنوةً؛ قال: وهذا أصح الأقوال، وهي رواية مالك، ومن تابعه، وبه قال ابن عيينة، قال: وفي كلّ قول أثر مرويّ، وفي رواية لمسلم؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله، ولرسوله، وللمسلمين، وهذا يدل لمن قال: عنوةً؛ إذ حق المسلمين إنما هو في العنوة، وظاهرُ قول من قال: صلحًا أنهم صولحوا على كون الأرض للمسلمين، والله أعلم.
واختلفوا فيما تجوز عليه المساقاة من الأشجار، فقال داود: يجوز على النخل خاصةً، وقال الشافعي: على النخل، والعنب خاصةً، وقال مالك: تجوز على جميع الأشجار، وهو قول للشافعيّ، فأما داود، فرآها رخصةً، فلم يتعد فيه المنصوص عليه، وأما الشافعيّ، فوافق داود في كونها رخصةً، لكن قال: حكم العنب حكم النخل في معظم الأبواب، وأما مالك، فقال: سبب الجواز الحاجة والمصلحة، وهذا يشمل الجميع، فيقاس عليه، والله أعلم. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن ما ذهب إليه مالك: من شمول الرخصة لجميع الأشجار هو الأرجح؛ لرواية:"بشطر ما يخرج منها، من نخل وشجر"، وفي رواية:"على أن لهم الشطر، من كلّ زرع، ونخل، وشجر"، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
وقال في "الفتح": استُدلّ بالحديث على جواز المساقاة في النخل،