للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي بكر - رضي الله عنه - إلى أن أجلاهم عمر - رضي الله عنه -. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "من ثمر، أو زرع" يَحتَجّ به الشافعيّ، وموافقوه، وهم الأكثرون في جواز المزارعة؛ تبعًا للمساقاة، وإن كانت المزارعة عندهم لا تجوز منفردة، فتجوز تبعًا للمساقاة، فيساقيه على النخل، ويزارعه على الأرض، كما جرى في خيبر.

وقال مالك: لا تجوز المزارعة، لا منفردةً، ولا تبعًا، إلا ما كان من الأرض بين الشجر.

وقال أبو حنيفة، وزفر: المزارعة، والمساقاة فاسدتان، سواء جمعهما، أو فرّقهما، ولو عُقِدتا فسختا.

وقال ابن أبي ليلى، وأبو يوسف، ومحمد، وسائر الكوفيين، وفقهاء المحدثين، وأحمد، وابن خزيمة، وابن شريح (٢) وآخرون: تجوز المساقاة، والمزارعة، مجتمعتين، وتجوز كل واحدة منهما منفردةً، وهذا هو الظاهر المختار؛ لحديث خيبر، ولا يُقبَل دعوى كون المزارعة في خيبر إنما جازت تبعًا للمساقاة، بل جازت مستقلةً، ولأن المعنى المجوِّز للمساقاة موجود في المزارعة؛ قياسًا على القِراض، فإنه جائز بالإجماع، وهو كالمزارعة في كل شيء، ولأن المسلمين في جميع الأمصار والأعصار مستمرون على العمل بالمزارعة.

وأما الأحاديث السابقة في النهي عن المخابرة، فسبق الجواب عنها، وأنها محمولة على ما إذا شَرَطا لكل واحد قطعة معيَّنة من الأرض، وقد صَنَّف ابن خزيمة كتابًا في جواز المزارعة، واستقصَى فيه، وأجاد وأجاب عن الأحاديث التي جاءت بالنهي. انتهى كلام النوويّ رحمه الله، وهو تحقيق نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

٢ - (ومنها): بيان جواز المساقاة، وبه قال مالك، والثوريُّ، والليث، والشافعيُّ، وأحمد، وجميع فقهاء المحدثين، وأهل الظاهر، وجماهير


(١) "الفتح" ٦/ ١٢٦.
(٢) كذا في النسخة، ولعله: وابن سُريج، بالسين المهملة، والجيم، فليُحّزر.