أخماس؛ ولذلك صحَّ أن يدخل في المساقاة بالشرط، ولكن بشرط اتفاق الجزء كما تقدَّم، وقد استحب مالك أن يلغيه للعامل رفقًا به، وإحسانًا إليه. انتهى (١).
٨ - (ومنها): ما قال القرطبيّ رحمه الله أيضًا: هذا الحديث وغيره دليل على أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان قسم أرض خيبر على خمسة أخماس، على قسم الغنائم، وكذلك قال الشافعي، وهو مقتضى عموم قوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية [الأنفال: ٤١]، ومالك وأصحابه يرون إيقاف الأرض للمسلمين ممن حضر وغاب، وممن يأتي بعدُ، تمسكًا بفعل عمر - رضي الله عنه - في أرض العراق والشام ومصر، فإنه أقرها، ولم يقسمها، واحتَجّ بقوله تعالى؛ {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}[الحشر: ١٠]، وتأول عطفه على قوله:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ}[الحشر: ٨]، وذهب الكوفيون إلى تخيير الإمام في قسمتها، أو إقرارها بأيدي أهلها، وتوظيف الخراج عليها، وتصييرها ملكًا لهم كارض الصلح.
[فإن قيل]: فكيف يُرفع فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمله بمقتضى عموم الآية بقول عمر وفعله؟
[فالجواب]: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فهم عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن الذي فعله في قسم خيبر ليس على جهة التحتم الذي لا يجوز غيره، وإنما هو أحد الوجهين الجائزين، غير أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ظهر له أن الأولى قسمتها في ذلك الوقت؛ لشدَّة حاجة أولئك الغانمين، ولما كان زمن عمر - رضي الله عنه - اتسعت أموال المسلمين؛ لكثرة الفتوحات عليهم، فرأى أن إيقافها لمصالح المسلمين أولى من قسمتها، وتابعه على ذلك أهل عصره، ولم يخالفه أحد من الصحابة، فصار كالإجماع على صحة ما فعل وجوازه، وعند هذا يظهر أن الأولى قول الكوفيين؛ الذي هو التخيير؛ لأنه جمع بين الأمرين، وهو الذي فهمه عمر - رضي الله عنه - قطعًا، ولذلك قال عمر - رضي الله عنه - فيما رواه عنه مالك: لولا أن أترك آخر الناس لا شيء لهم ما افتتح المسلمون قرية إلا قسمتها سهمانًا، كما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -