للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحتَجَّ أهل الظاهر بهذا على جواز المساقاة مدة مجهولة، وقال الجمهور: لا تجوز المساقاة إلا إلى مدة معلومة، كالإجارة، وتأولوا الحديث على ما ذكرناه، وقيل: جاز ذلك في أول الإسلام خاصة للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: معناه أن لنا إخراجكم بعد انقضاء المدة المسماة، وكانت سُميت مدةٌ، ويكون المراد بيان أن المساقاة ليست بعقد دائم؛ كالبيع، والنكاح، بل بعد انقضاء المدة تنقضي المساقاة، فإن شئنا عقدنا عقدًا آخر، وإن شئنا أخرجناكم، وقال أبو ثور: إذا أطلقا المساقاة اقتضى ذلك سنة واحدة، ذكره النوويّ (١).

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن ما ذهب إليه أهل الظاهر، من جواز المساقاة بلا تعيين المدّة هو الأرجح، لموافقته لظاهر هذا الحديث، حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: "نقرّكم ما شئنا"، ولم يعيّن المدّة، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

وقوله: (ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ إلخ) فاعل "ساق" ضمير ابن وهب، وكذا فاعل "وزاد فيه".

وقوله: (وَكَانَ الثَّمَرُ يُقْسَمُ عَلَى السُّهْمَانِ إلخ) المراد أن أراضي خيبر كانت قد قُسمت على الغانمين حسب سهمانهم، وصار لكلّ واحد منهم سهم معلوم، وكانت المعاملة مع أهل خيبر برضًا منهم، فلما كان نصف ثمر خيبر يأتي إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يَقسِمها على أصحاب السهام، ويأخذ منها الخمس لبيت المال، كما هو حكم كلّ غنيمة (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: هذا يدلّ على أن خيبر فُتحت عنوة؛ لأن السهمان كانت للغانمين.

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم أن الأصحّ أن بعضها فتح عنوةً، وبعضها فُتح صلحًا، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (فَيَأَخُذُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الْخُمُسَ) أي: يدفعه إلى مستحقه، وهم الأصناف الخمسة المذكورة في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الآية [الأنفال: ٤١]، فيأخذ لنفسه خُمسًا واحدًا من الْخَمْس،


(١) "شرح النووي" ١٠/ ٢١١.
(٢) "تكملة فتح الملهم" ١/ ٤٧٠.