للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لكن عُيِّنت كلَّ سنة بكذا، أو أن أهل خيبر صاروا عبيدًا للمسلمين، ومعاملة السيد لعبده لا يشترط فيها ما يشترط في الأجنبيّ. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى بُعْدُ كلّ هذه الاحتمالات، فالقول الأول هو الأرجح، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

(فَقَرُّوا) بفتح القاف، وتشديد الراء، من القرار؛ أي: استقرّت اليهود، ومكثت (بِهَا) أي: بخيبر (حَتَّى أَجْلَاهُمْ) أي: أخرجهم، والإجلاء: الإخراج عن المال، والوطن على وجه الإزعاج والكراهة (١). (عُمَرُ) بن الخطّاب - رضي الله عنه - في خلافته، وقد أخرج البخاريّ - رحمه الله - سبب إخراجه لهم، فقال:

(٢٧٣٠) - حدّثنا أبو أحمد، حدّثنا محمد بن يحيى أبو غسان الكنانيّ، أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: لَمّا فَدَعَ (٢) أهل خيبر عبدَ الله بن عمر، قام عمر خطيبًا، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: "نُقِرُّكم ما أقرّكم الله"، وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك، فعُدِي عليه من الليل، ففُدِعت يداه ورجلاه، وليس لنا هناك عدوّ غيرهم، هم عدوّنا، وتُهْمَتُنا، وقد رأيت إجلاءهم، فلما أَجْمَع عمر على ذلك، أتاه أحد بني أبي الْحُقَيق، فقال: يا أمير المؤمنين أتخرجنا، وقد أقرّنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وعاملنا على الأموال، وشرط ذلك لنا؟ فقال عمر: أظننت أني نَسِيتُ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف بك إذا أُخرجت من خيبر، تَعْدُو بك قلوصك ليلة بعد ليلة؟ " فقال: كانت هذه هُزَيلة من أبي القاسم، قال: كَذَبتَ يا عدوّ الله، فأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر مالًا، وإبلًا، وعُروضًا، من أقتاب، وحبال، وغير ذلك. انتهى.

وقال في "الفتح" بعد أن ذكر السبب المذكور: وهذا لا يقتضي حصر السبب في إجلاء عمر إياهم، وقد وقع لي فيه سببان آخران:

أحدهما: رواه الزهريّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، قال: ما زال


(١) (الفتح" ٦/ ٦١٩) "كتاب الشروط" رقم (٢٧٣٠).
(٢) الَفَدْع: ميل في المفاصل كلها، كان المفاصل قد زالت عن مواضعها، وأكثر ما يكون في الأرساغ، قاله في "عمدة القاري" ١٣/ ٣٠٥.