فال الجامع عفا الله عنه: يُستفاد مما ذكره الفيّوميّ: أن "غَرْسًا" هنا يَحْتَمِل أن يكون مفعولًا مطلقًا؛ لأنه مصدر، وأن يكون مفعولًا به؛ لأنه بمعنى مغروس، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
(إلَّا كَانَ مَا أُكِلَ) بالبناء للمفعول (مِنْهُ) أي: من ذلك الغرس (لَهُ) أي: للمسلم (صَدَقَةً) بالنصب على الخبريّة لـ"كان"، يعني أنه يحصل للغارس ثواب التصدّق بالمأكول، قيل: هذا إذا لم يضمنه الآكل، لكن ظاهر النص مطلقٌ، فليُتأمّل (وَمَا سُرِقَ) بالبناء للمفعول أيضًا (مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ) يَحْتَمِل أن يكون بالرفع على أنه خبر و"ما"، ويَحْتَمِل نصبه عطفًا على "صدقةً"، وعلى هذا فـ"ما" تكون معطوفة على "ما" التي هي اسم "كان"، فيكون من عطف المعمولين على معمولي عامل واحد، وهو جائز بلا خلاف، كما هو معروف في محلّه من كتب النحو، فتنبّه.
والمعنى: أنه يحصل للغارس مثل ثواب التصدّق بالمسروق، وليس المعنى أن يكون المأخوذ ملكًا للآخذ، كما تُصُدّق به عليه.
(وَمَا) موصولة مبتدأ (أَكَلَ السَّبُعُ) بضمّ الموحّدة، وتُسكّن تخفيفًا، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: والسَّبُعُ بضم الباء: معروف، واسكان الباء لغةٌ، حكاها الأخفش وغيره، وهي الفاشية عند العامّة، ولهذا قال الصغانيّ: السَّبُعُ، والسَّبْعُ لغتان، وقرئ بالإسكان في قوله تعالى:{وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ}[المائدة: ٣]، وهو مرويّ عن الحسن البصريّ، وطلحة بن سليمان، وأبي حَيْوَة، ورواه بعضهم عن عبد الله بن كثير أحدِ السبعة، ويجْمَع في لغة الضمّ على سِبَاعٍ، مثلُ رَجُلٍ ورِجَالٍ، لا جمع له غير ذلك على هذه اللغة، قال الصغانيّ: وجمعه على لغة السكون في أدنى العدد أَسْبُعٌ، مثل فَلْس وأَفْلُسٍ، وهذا كما خُفِّف ضَبْعٌ، وجُمِع على أَضْبُع، ومن أمثالهم:"أَخَذَهُ أَخْذَ السَّبْعَةِ" بالسكون، قال ابن السِّكِّيت: الأصل بالضم، لكن أُسكنت تخفيفًا، والسَّبْعَةُ: اللَّبُؤَة (١)، وهي أشدّ جَراءة من السبع، وتصغيرها: سُبَيْعَةٌ، وبها سميت المرأة، ويقع السَّبُعُ على كلّ ما له نابٌ يَعْدُو به، ويَفْتَرس؛ كالذئب، والفهد، والنَّمِر، وأما الثعلب فليس بسبعٍ، وإن كان له