للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): جواز بيع الثمار، ولا خلاف فيه في الجملة، وإنما الخلاف فيما إذا كان قبل بدوّ الصلاح، وقد تقدّم بيان ذلك مستوفًى قريبًا.

٤ - (ومنها): تحريم أخذ مال المسلم بغير حقّ، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم وضع الجائحة:

قال في "الفتح": استُدِلّ بهذا الحديث على وضع الجوائح في الثمر يُشتَرى بعد بُدُوّ صلاحه، ثم تصيبه جائحة، فقال مالك: يضع عنه الثلث، وقال أحمد، وأبو عبيد: يضع الجميع، وقال الشافعي، والليث، والكوفيون: لا يرجع على البائع بشيء، وقالوا: إنما ورد وضع الجائحة، فيما إذا بيعت الثمرة، قبل بُدُوّ صلاحها بغير شرط القطع، فيُحمَل مطلق الحديث، في رواية جابر، على ما قُيِّد به في حديث أنس، والله أعلم.

واستدلّ الطحاويّ، بحديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - الآتي في الباب التالي، قال: فلما لم يبطل دينُ الغرماء بذهاب الثمار، وفيهم باعتها، ولم يؤخذ الثمن منهم، دَلَّ على أن الأمر بوضع الجوائح، ليس على عمومه، والله تعالى أعلم. انتهى.

وقال ابن قُدامة - رحمه الله -: ما تهلكه الجائحة من الثمار، من ضمان البائع، وبهذا قال أكثر أهل المدينة، منهم: يحيى بن سعيد الأنصاريّ، ومالك، وأبو عبيد، وجماعة من أهل الحديث، وبه قال الشافعيّ في القديم.

وقال أبو حنيفة، والشافعيّ في الجديد: هو من ضمان المشتري؛ لما رُوي؛ أن امرأة أتت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إن ابني اشترى ثمرة من فلان، فأذهبتها الجائحة، فسأله أن يضع عنه، فتألى أن لا يفعل، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "تألّى فلان أن لا يفعل خيرًا؟ "، ولو كان واجبًا لأجبره عليه، ولأن التخلية يتعلق بها جواز التصرف، فتعلّق بها الضمان؛ كالنقل، والتحويل، ولأنه لا يضمنه إذا أتلفه آدمي، كذلك لا يضمنه بإتلاف غيره.

ولنا ما رَوَى مسلم في "صحيحه" عن جابر - رضي الله عنه -؛ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح، وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن بعت من أخيك ثمرًا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك، بغير حق؟ "، رواه مسلم، وأبو داود، ولفظه: "من باع ثمرًا، فأصابته جائحة، فلا يأخذ من