للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مال أخيه شيئًا، علام يأخذ أحدكم، من مال أخيه المسلم؟ "، وهذا صريح في الحكم، فلا يعدل عنه.

قال الشافعي: لم يثبت عندي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح، ولو ثبت لم أَعْدُهُ، ولو كنت قائلًا بوضعها، لوضعتها في القليل والكثير.

قلنا: الحديث ثابت، رواه الأئمة، منهم الإمام أحمد، ويحيى بن معين، وعليّ بن حرب، وغيرهم، عن ابن عيينة، عن حميد الأعرج، عن سليمان بن عتيق، عن جابر، ورواه مسلم في "صحيحه" وأبو داود في "سننه"، وابن ماجه، والنسائيّ، وغيرهم، ولا حجة لهم في حديثهم، فإن فعل الواجب خير، فإذا تألى أن لا يفعل الواجب، فقد تألى ألا يفعل خيرًا، فأما الإجبار فلا يفعله النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، بمجرد قول المدَّعي، من غير إقرار من البائع، ولا حضور، ولأن التخلية ليست بقبض تام، بدليل ما لو تلفت بعطش، عند بعضهم، ولا يلزم من إباحة التصرف تمام القبض، بدليل المنافع في الإجارة، يباح التصرف فيها، ولو تلفت كانت من ضمان المؤجر، كذلك الثمرة، فإنها في شجرها كالمنافع قبل استيفائها، توجد حالًا فحالًا، وقياسهم يبطل بالتخلية في الإجارة. انتهى كلام ابن قُدامة - رحمه الله - (١).

وقد حقّق المسألة العلامة ابن القيّم - رحمه الله - في كتابه "إعلام الموقّعين فقال:

[المثال الرابع والأربعون]: ردّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في وضع الجوائح بأنها خلاف الأصول، كما في "صحيح مسلم" عن جابر - رضي الله عنه - يرفعه: "لو بعت من أخيك ثمرًا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حقّ؟ "، ورَوَى سفيان بن عيينة، عن حميد، عن سليمان، عن جابر - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن بيع السنين، وأمر بوضع الجوائح"، فقالوا: هذه خلاف الأصول، فإن المشتري قد ملك الثمرة، وملك التصرف فيها، وتَمّ نقل الملك إليه، ولو ربح فيها كان الربح له، فكيف تكون من ضمان البائع؟


(١) "المغني" ٦/ ١٧٧ - ١٧٩.