للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعد وفاء دينه، ويجوز أن يكون سُمِّي بذلك؛ لأنه يُمْنَع من التصرف في ماله، إلا الشيء التافه، الذي لا يعيش إلا به، كالفلوس ونحوها. انتهى كلام ابن قُدامة - رحمه الله - (١)، وسيأتي بيان مذهب العلماء في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.

[تنبيه]: ترجم الإمام البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه" بقوله: باب إذا وَجَد ماله عند مُفلس في البيع، والقرض، والوديعة، فهو أحقّ به، وقال الحسن: إذا أفلس، وتبيَّن، لم يَجُزْ عتقُهُ، ولا بيعُه، ولا شراؤه". انتهى.

قال في "الفتح": قوله: "في البيع": إشارة إلى ما ورد في بعض طرقه نصًّا.

وقوله: "والقرض": هو بالقياس عليه، أو لدخوله في عموم الخبر، وهو قول الشافعيِّ في آخرين، والمشهور عن المالكية التفرقة بين القرض والبيع.

وقوله: "والوديعة": هو بالإجماع، وقال ابن الْمُنَيِّر: أَدْخَلَ هذه الثلاثةَ، إما لأن الحديث مطلق، وإما لأنه وارد في البيع، والآخران أولى؛ لأن ملك الوديعة لم ينتقل، والمحافظة على وفاء من اصطنع بالقرض معروفًا مطلوب.

وقوله: "وقال الحسن: إذا أفلس إلخ": أما قوله: "وتبيّن"، فإشارة إلى أنه لا يمنع التصرف قبل حكم الحاكم، وأما العتق فمحله ما إذا أحاط الدين بماله، فلا ينفذ عتقه، ولا هبته، ولا سائر تبرعاته، وأما البيع والشراء، فالصحيح من قولي العلماء أنَّهما لا ينفذان أيضًا، إلا إذا وقع منه البيع لوفاء دين، وقال بعضهم: يوقف، وهو قول الشافعيّ، واختُلِف في إقراره، فالجمهور على قبوله، وكأن البخاريّ أشار بأثر الحسن إلى معارضة قول إبراهيم النخعيّ: بيع المحجور وابتياعه جائز.

وقوله: "وقال سعيد بن المسيِّب: قضى عثمان إلخ" أي: ابن عفان إلخ، وصله أبو عبيد في "كتاب الأموال"، والبيهقيّ بإسناد صحيح إلى سعيد، ولفظه: "أفلس مولى لأم حبيبة، فاختصم فيه إلى عثمان، فقضى"، فذكره،


(١) "المغني" ٦/ ٥٣٦ - ٥٣٧.