(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (قَالَ اللهُ - رضي الله عنه -) لملائكته (تَجَوَّزُوا عَنْهُ") أي: سامحوه فيما فرّط من عمله؛ جزاءَ تجوّزه عن عبادي، وفي رواية: "كنت أقبل الميسور، وأتجاوز عن المعسور"، وفي رواية: "كنت أُنظر المعسر، وأتجوز في السِّكّة، أو في النقد"، وفي رواية: "وكان من خُلُقي الجواز، فكنت أتيسر على الموسر، وأنظر المعسر".
قال النوويّ - رحمه الله -: فقوله: "فتياني" معناه: غلماني، كما صرح به في الرواية الأخرى، والتجاوز والتجوّز معناهما: المسامحة في الاقتضاء والاستيفاء، وقبول ما فيه نقص يسير، كما قال: "وأتجوّز في السكة"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث حذيفة - رضي الله عنه - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٨/ ٣٩٨٦ و ٣٩٨٧ و ٣٩٨٨ و ٣٩٨٩](١٥٦٠)، و (البخاريّ) في "البيوع" (٢٠٧٧) و"الاستقراض" (٢٣٩١) و"أحاديث الأنبياء" (٣٤٥١)، و (ابن ماجه)(٢٤٢٠)، و (أحمد) في "مسنده" (٤/ ١١٨ و ٥/ ٣٩٥ و ٣٩٩ و ٤٠٧)، و (الدارميّ) في "سننه" (٢/ ٣٢٤)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٣/ ٣٤٦)، و (البيهقيّ) في "الصغرى" (٥/ ٢٠٥)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضل إنظار المعسر، والوضع عنه إما كل الدَّين، وإما بعضه.
٢ - (ومنها): بيان أن شريعة من قبلنا شريعة لنا، إذا لم يَرِد في شرعنا ما يردّه، وهذا هو الصحيح من أقوال العلماء في المسألة، وهو مذهب البخاري، ومسلم، والنسائيّ، وغيرهم، حيث أوردوا هذا الحديث مستدلين به على ما ترجموا له.
٣ - (ومنها): بيان حسن المعاملة، والرفق في المطالبة.