للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يلزمه (ثُمَّ وَجَدَهُ) بيّن الإمام أحمد - رحمه الله - في "مسنده" هذه القصّة، فقد أخرج الحديث مطوّلًا ٥/ ٣٠٨ فقال:

(٢٢٦٧٦) حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا عفان، ثنا حماد - يعني ابن سلمة - أنا أبو جعفر الخطميّ، عن محمد بن كعب القُرَظيّ؛ أن أبا قتادة كان له على رجل دين، وكان يأتيه يتقاضاه، فيختبئ منه، فجاء ذات يوم، فخرج صبيّ، فسأله عنه، فقال: نعم هو في البيت، يأكل خَزِيرةً، فناداه: يا فلان اخرُج، فقد أُخبرت أنك ههنا، فخرج إليه، فقال: ما يُغَيِّبك عني؟ قال: إني معسر، وليس عندي، قال: آلله إنك معسر؟ قال: نعم، فبكى أبو قتادة، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن نَفَّس عن غريمه، أو محا عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة". انتهى.

(فَقَالَ) ذلك الغريم؟ معتذرًا إليه (إِنِّي مُعْسِرٌ) أي: فقير لا أستطيع دفع دينك إليك (فَقَالَ) أبو قتادة - رضي الله عنه - (اللهِ؟) هذا قسم سؤال؛ أي: أبالله، وباء القسم تُضمر كثيرًا مع "الله"، قال الرضيّ: وإذا حُذف حرف القسم الأصليّ - أعني الباء - فالمختار النصب بفعل القسم، ويختصّ لفظُ "الله" بجواز الجرّ مع حذف الجارّ بلا عوض، وقد يُعوّض من الجارّ فيها همزة الاستفهام، أو قطع همزة "الله" في الدرج. انتهى (١).

(قَالَ) الرجل (الله) أي: والله أنا معسر (قَالَ: فَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) "الْكُرَب" بضمّ الكاف، وفتح الراء: جمع كُرْبة بضمّ، فسكون، وهي الشدّة، والفاقة، وكرب يوم القيامة: شدائدها، وأهوالها (فَلْيُنَفسْ) بتشديد الفاء، من التنفيس، وأصله من النَفَس - بفتحتين - يقال: أنت في نَفَسٍ - يعني في سعة، فكأن من كان في كربة ضاقت عليه مداخل الأنفاس، فإذا فُرّج عنه فُسحت (٢).

وقال ابن الأثير - رحمه الله -: هو مستعار من نَفَس الهَوَاء الذي يردّه التنفّس إلى الجوف، فيُبرد من حرارته، ويُعَدِّلها، أو من نَفَس الريح الذي يتنسّمه، فيَستروح


(١) من هامش نسخة المحقق محمد ذهني أفندي ٥/ ٣٣.
(٢) "تكملة فتح الملهم" ١/ ٤٠٦.