للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عثمان، فبطل الاحتجاج به من أوجه، قال البيهقيّ: أشار الشافعيّ بذلك، إلى ما رواه شعبة، عن خُليد بن جعفر، عن معاوية بن قرة، عن عثمان، فالمجهول خُليد، والانقطاع بين معاوية بن قُرّة وعثمان، وليس الحديث مع ذلك مرفوعًا، وقد شك رأويه، هل هو في الحوالة، أو الكفالة؟ انتهى (١).

وقال ابن قُدامة - رحمه الله -: فإذا اجتمعت شروط الحوالة، برِئت ذمّة المحيل في قول عامّة الفقهاء، إلا ما يروى عن الحسن؛ أنه كان لا يرى الحوالة براءة، إلا أن يبرئه، وعن زفر أنه قال: لا تَنْقُلُ الحقَّ، وأجراها مجرى الضمان، وليس بصحيح؛ لأن الحوالة مشتقة من تحويل الحق، بخلاف الضمان، فإنه مشتق من ضم ذمة إلى ذمة، فعُلِّقَ على كل واحد مقتضاه، وما دل عليه لفظه.

إذا ثبت أن الحق انتقل، فمتى رضي بها المحتال، ولم يشترط اليسار، لم يعد الحق إلى المحيل أبدًا، سواء أمكن استيفاء الحق، أو تعذر لمطل، أو فلَس، أو موت، أو غير ذلك، هذا ظاهر كلام الخرقيّ، وبه قال الليث، والشافعيّ، وأبو عبيد، وابن المنذر، وعن أحمد ما يدل على أنه إذا كان المحال عليه مفلسًا، ولم يعلم المحتال بذلك فله الرجوع، إلا أن يرضى بعد العلم، وبه قال جماعة من أصحابنا، ونحوه قول مالك؛ لأن الفلس عيب في المحال عليه، فكان له الرجوع، كما لو اشترى سلعة فوجدها معيبة، ولأن المحيل غرّه، فكان له الرجوع، كما لو دلّس المبيع، وقال شريح، والشعبي، والنخعي: متى أفلس، أو مات رجع على صاحبه، وقال أبو حنيفة: يرجع عليه في حالين: إذا مات المحال عليه مفلسًا، واذا جحده، وحلف عليه عند الحاكم، وقال أبو يوسف ومحمد: يرجع عليه في هاتين الحالتين، وإذا حُجر عليه لفلَس؛ لأنه رُوي عن عثمان أنه سئل عن رجل أحيل، فمات المحال عليه مفلسًا يرجع بحقه، لا تَوَى على مال امرئ مسلم، ولأنه عقد معاوضة، لم يسلم العوض فيه لأحد المتعاوضين، فكان له الفسخ، كما لو اعتاض بثوب فلم يسلم إليه.

قال: ولنا إن حَزْنًا جدّ سعيد بن المسيِّب، كان له على عليّ - رضي الله عنه - دَين، فأحاله به، فمات المحال عليه، فأخبره، فقال: اخترت علينا أبعدك الله.


(١) "الفتح" ٦/ ٦٤.