أنس - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه قال:"إذا كان إكرامًا فلا بأس"، ولأنه سبب مباح، فجاز أخذ الهدية عليه، كالحجامة.
وقال أحمد في رواية ابن القاسم: لا يأخذ، فقيل له: ألا يكون مثل الحجام، يُعطَى، وإن كان منهيًا عنه؟ فقال: لم يبلغنا أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أعطى في مثل هذا شيئًا، كما بلغنا في الحجام.
ووجهه أن ما منع أخذ الأجرة عليه منع قبول الهدية، كمهر البغيّ، وحلوان الكاهن، قال القاضي: هذا مقتضى النظر، لكن تُرك مقتضاه في الحجام، فيبقى فيما عداه على مقتضى القياس، والذي ذكرناه أرفق بالناس، وأوفق للقياس، وكلام أحمد يحمل على الورع، لا على التحريم. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه الجمهور من تحريم بيع ضراب الفحل، هو الصواب؛ لظهور أدلّته، وأما لو أُكرم صاحب الفحل بهديّة من غير مشارطة، فلا مانع؛ لما أخرجه الترمذيّ، والنسائيّ، واللفظ للترمذيّ بإسناد صحيح من حديث أنس - رضي الله عنه -: "أن رجلًا من كلاب، سأل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، عن عَسْب الفحل؟ فنهاه، فقال: يا رسول الله، إنا نُطرِق الفحل فنُكرَم، فرخص له في الكرامة"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
[٣٩٩٩](١٥٦٦) - (حَدَّثنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ (ح) وَحَدّثنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْث، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَاد، عَنِ الأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلأُ").