للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحاصل أن ما ذهب إليه الجمهور هو الأصحّ، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في بيان ما جاء عن أهل العلم في الكاهن والعرّاف:

قال النوويّ - رحمه الله -: وقال البغويّ من أصحابنا - الشافعيّة - والقاضي عياض: أجمع المسلمون على تحريم حلوان الكاهن؛ لأنه عوض عن مُحَرَّم، ولأنه أكلُ المال بالباطل، وكذلك أجمعوا على تحريم اجرة المغنّية للغناء، والنائحة للنوح، وأما الذي جاء في غير "صحيح مسلم" من النهي عن كسب الإماء، فالمراد به كسبهنّ بالزنى وشبهه، لا بالغزل، والخياطة، ونحوهما. وقال الخطابى: قال ابن الأعرابي: ويقال: حلوان الكاهن الشنع، والصهميم، قال الخطابيّ: وحلوان العرّاف أيضًا حرام، قال: والفرق بين الكاهن والعراف؛ أن الكاهن إنما يتعاطى الأخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويَدَّعِي معرفة الأسرار، والعرّاف هو الذي يَدّعِي معرفة الشيء المسروق، ومكان الضالة، ونحوهما من الأمور، هكذا ذكره الخطابيّ في "معالم السنن" في "كتاب البيوع"، ثم ذكره في آخر الكتاب أبسط من هذا، فقال: إن الكاهن هو الذي يدّعي مطالعة علم الغيب، ويخبر الناس عن الكوائن، قال: وكان في العرب كهنة يَدَّعون أنهم يَعرفون كثيرًا من الأمور.

فمنهم من يزعم أن له رُفقاء من الجنّ، وتابعةً تُلْقِي إليه الأخبار، ومنهم من كان يَدَّعِي أنه يستدرك الأمور بفهم أُعطيه، وكان منهم من يُسَمَّى عَرّافًا، وهو الذي يزعم أنه يَعرف الأمور بمقدمات أسباب، يَستَدِلّ بها على مواقعها، كالشيء يُسْرَق، فيعرف المظنون به السرقةُ، وتُتَّهم المرأه بالريبة، فيَعْرِف مَن صاحبها؛ ونحو ذلك من الأمور، ومنهم من كان يُسَمِّي المنجِّم كاهنًا، قال: وحديث النهي عن إتيان الكهان يشتمل على النهي عن هؤلاء كلهم، وعلى النهي عن تصديقهم، والرجوع إلى قولهم.

ومنهم من كان يدعو الطبيب كاهنًا، وربما سَمَّوه عَرّافًا، فهذا غير داخل في النهي، هذا آخر كلام الخطابيّ.

وقال الإمام أبو الحسن الماورديّ من أصحابنا - الشافعيّة - في آخر كتابه "الأحكام السلطانية": وَيمنع المحتَسِب من يكتسب بالكهانة، واللهو، ويؤدِّب