للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأكل لا يجوز قتله عند القدرة عليه، وهذا هو المعروف من مذاهب العلماء.

انتهى كلام وليّ الدين - رحمه الله - (١).

وقوله: (إِلَّا كَلْبَ صيْدٍ، أَوْ كَلْبَ غَنَمٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ) وقال وليّ الدين - رحمه الله -: فيه تكرار، وهو من ذكر العامّ بعد الخاصّ؛ لأن الماشية أعمّ من الغنم، وإن كان الأكثر استعمالها في الغنم، وقد اقتصر الترمذيّ، والنسائيّ في روايتهما على الماشية. انتهى (٢).

والمعنى: إلا كلبًا يصطاد به الإنسان الصيد، أو كلبًا يحرُس له غنمه، أو دوابّه؛ لئلا يأكلها ذئبٌ، أو نحوه.

قال في "المنتقى شرح الموطّأ": قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: يُرِيدُ: كُل كَلْبٍ، اتُّخِذَ لِغَيْرِ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، قَالَ مَالِكٌ: تُقْتَلُ الْكِلَابُ، مَا يُؤذِي مِنْهَا، وَمَا يَكُونُ فِي مَوْضِعٍ، لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا، كَالْفُسْطَاط، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ الْإحْسَانَ إلَيْهَا، حَالَ حَيَاتِهَا، وَأَنْ يُحْسِنَ قَتْلَتَهَا، وَلَا تُتَّخَذُ غَرَضًا، وَلَا تُقْتَلُ جُوعًا، وَلَا عَطَشًا. انتهى.

وقوله: (فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ لأَبِي هُرَيْرَةَ زَرْعًا) وقال سالم في الرواية الأخرى: "وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يقول: أو كلب حَرْث، وكان صاحب حرث"، قال العلماء: ليس هذا توهينًا لرواية أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولا شكًّا فيها، بل معناه: أنه لما كان صاحبَ زرع، وحرث اعتنى بذلك، وحفظه، وأتقنه، والعادة أن المبتلى بشيء يتقنه ما لا يتقنه غيره، وَيتَعَرَّف من أحكامه ما لا يعرفه غيره، وقد ذكر مسلم هذه الزيادة، وهي اتخاذه للزرع من رواية عبد الله بن المغفَّل - رضي الله عنه -، ومن رواية سفيان بن أبي زهير - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وذكرها أيضًا مسلم من رواية ابن الحكم، واسمه عبد الرحمن بن أبي نُعْم البجليّ (٣)، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، فَيُحْتَمل أن ابن عمر - رضي الله عنهما - لَمّا سَمِعها من أبي هريرة - رضي الله عنه -، وتحققها عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رواها عنه بعد ذلك، وزادها في حديثه الذي كان يرويه بدونها.


(١) "طرح التثريب" ٦/ ٣١ - ٣٣.
(٢) "طرح التثريب" ٦/ ٣٣.
(٣) سيأتي الكلام عليه قريبًا.