للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لغتان: المدّ، وهو أفصح، والقصر، قاله النوويّ (١).

وقال في "القاموس": {قَالَ آنِفًا} كصَاحِب، وكَتِفٍ، وقُرئ بهما: أي مُذْ ساعةً: أي في أوّل وقتٍ يقرُبُ مِنَّا. انتهى (٢). (إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّار، فَإِنَّهُ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا، وَقَدْ مَاتَ) هذا قالوه ظنًّا منهم، لا حقيقةً بدليل ما يأتي من قوله: "إنه لَمْ يمت".

ثم إن قولهم هذا ليس سؤال استثبات؛ لأن المعلوم الصدق لا يُستثبتُ، وإنما هو سؤال تعجّب عن كونه من أهل النار مع ما ظهر منه من نُصرة الدين (٣).

(فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِلَى النَّارِ") أي هو ذاهب إلى النار، قال المهلب رحمه الله تعالى: هذا الرجل ممن أَعْلَمَنا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه نَفَذَ عليه الوعيدُ من الْفُسّاق، ولا يلزم منه أنّ كُلّ مَن قَتَلَ نفسه يُقضَى عليه بالنار، وقال ابن التين رحمه الله تعالى: يَحْتَمِل أن يكون قوله: "هو من أهل النار": أي إن لَمْ يَغفِر الله له، ويَحتَمِل أن يكون حين أصابته الجراحة ارتاب، وشكّ في الإيمان، أو استَحَلَّ قَتْلَ نفسه، فمات كافرًا، ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم - في بقية الحديث: "لا يدخل الجَنَّة إلَّا نفسٌ مسلمة"، وبذلك جزم ابن الْمُنَيّر.

والذي يظهر - كما قال الحافظ رحمه الله تعالى - أن المراد بالفاجر أعمّ من أن يكون كافرًا أو فاسقًا، ولا يعارضه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لا نستعين بمشرك"؛ لأنه محمول على مَن كان يُظهِر الكفر، أو هو منسوخ. انتهى (٤).

(فَكَادَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْتَابَ) قال النوويّ: كذا هو في الأصول "أن يرتاب"، فأثبت "أن"، مع "كاد"، وهو جائز، لكنه قليل، و"كاد" لمقاربة الفعل، ولم يَفْعَل إذا لَمْ يتقدمها نفيٌ، فإن تقدّمها، كقولك: ما كاد يقوم، كانت دالّةً على القيام، لكن بعد بُطْء، كذا نقله الواحديّ وغيره عن العرب، وأهل اللغة. انتهى (٥).


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ١٢٢.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٧١٤.
(٣) راجع: "شرح الأبيّ" ١/ ٢٢٥ - ٢٢١.
(٤) "فتح" ٧/ ٥٤٠.
(٥) "شرح النوويّ" ٢/ ١٢٢.