للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: لا تنافي بين رواية المصنّف بلفظ الطعام، ورواية مالك بلفظ التمر؛ لإمكان أن يفسّر الطعام بالتمر، والله تعالى أعلم.

(وَكَلَّمَ أَهْلَهُ) وفي رواية للبخاريّ: "كلّم مواليه"، ومواليه: هم بنو حارثة، على الصحيح، ومولاه منهم: مُحَيِّصة بن مسعود - كما تقدّم من رواية أحمد، وابن السكن- وإنما جَمَع الموالي مجازًا، كما يقال: بنو فلان قتلوا رجلًا، ويكون القاتل منهم واحدًا، وأما ما وقع في حديث جابر أنه مولى بني بياضة، فهو وَهَمٌ، فإن مولى بني بياضة آخر، يقال له: أبو هند، قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد صرّح النوويّ في "شرحه" بأن أبا طيبة هذا عبد لبني بياضة، والظاهر أنه لا تنافي بين كونه مولى بني حارثة، ومولى بني بياضة؛ لأن كلًّا من بني حارثة وبني بياضة بطن من الأنصار، كما بيّنه ابن الأثير في "اللباب"، فلتراجعه (٢)، والله تعالى أعلم.

(فَوَضَعُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ) أي: بعضه، فـ "من" تبعيضيّة، والخراج: غلّة العبد التي يؤذيها إلى مواليه من ماله في السنة (٣).

وقوله: (وَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ) هو موصول بالإسناد السابق، وقد أخرجه النسائيّ مفردًا من طريق زياد بن سعد وغيره، عن حميد، عن أنس، بلفظ: "خيرُ ما تداويتم به الحجامة"، ومن طريق معتمر، عن حميد، بلفظ: "أفضلُ".

قال القرطبيّ رحمه الله: هذا الخطاب متوجّه لمن غلب عليه الدم، فإخراجه بالحجامة أولى، وأسلم من إخراجه بقطع العروق والفصاد، ويَحْتَمل أن يكون الذين قال لهم هذا كان الغالب عليهم هيجان الدم، فأرشدهم إلى إخراجه على الجملة بالحجامة؛ لِمَا ذكرناه من السلامة. انتهى (٤).

وقال في "الفتح": قال أهل المعرفة: الخطاب بذلك لأهل الحجاز، ومن كان في معناهم، من أهل البلاد الحارّة؛ لأن دماءهم رقيقة، وتميل إلى ظاهر


(١) "الفتح" ٦/ ٥٧.
(٢) راجع: "اللباب في تهذيب الأنساب" ١/ ١٩٥.
(٣) راجع: "لسان العرب" ٢/ ٢٥١.
(٤) "المفهم" ٤/ ٤٥٣.