للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها، فإنها ليست محرَّمة، بلا خلاف إلا على قول من يُجَوِّزتكليف ما لا يطاق.

٣ - (ومنها): أن فيه أيضًا بذلَ النصيحة للمسلمين في دينهم، ودنياهم؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- نصحهم في تعجيل الانتفاع بها ما دامت حلالًا.

٤ - (ومنها): ما قاله النوويّ رحمه الله: هذا الحديث دليل على تحريم تخليل الخمر، ووجوب المبادرة بإراقتها، وتحريم إمساكها، ولو جاز التخليل لبيّنه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لهم، ونهاهم عن إضاعتها، كما نصحهم وحثّهم على الانتفاع بها قبل تحريمها، حين توقّع نزول تحريمها، وكما نَبَّه أهلَ الشاة الميتة على دباغ جلدها، والانتفاع به.

قال: وممن قال بتحريم تخليلها، وأنها لا تَطْهُر بذلك: الشافعيّ، وأحمد، والثوريّ، ومالك في أصح الروايتين عنه، وجوّزه الأوزاعيّ، والليث، وأبو حنيفة، ومالك في رواية عنه.

وأما إذا انقلبت بنفسها خَلًّا فتطهُر عند جميعهم، إلا ما حُكي عن سحنون المالكيّ أنه قال: لا تَطهر. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتصل إلى المؤلف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[٤٠٣٧] (١٥٧٩) - (حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ -رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ-؛ أَنَّهُ جَاءَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ-وَاللَّفْظُ لَهُ- أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ السَّبَئِيِّ -مِنْ أَهْلِ مِصْرَ-؛ أَنَّهُ سَأَل عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَمَّا يُعْصَرُ مِنَ الْعِنَبِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَجُلًا أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟ "، قَالَ: لَا، فَسَارَّ إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ٣.