للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذَاكَ سِنَانٌ مُحْلِبٌ نَصْرُهُ … كَالْجَمَلِ الأَوْطَفِ بِالرَّاوِيَهْ

انتهى.

(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟ "، قَالَ) الرجل: (لَا) أي: لم أعلم بذلك، قال النوويّ رحمه الله: لعلّ السؤال كان ليعرف حاله، فإن كان عالمًا بتحريمها، أنكر عليه هديّتها، وإمساكها، وحملها، وعزّره على ذلك، فلما أخبره أنه كان جاهلًا بذلك عَذَرَه، والظاهر أن هذه القضيّة كانت على قرب تحريم الخمر، قبل اشتهار ذلك. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: يدلّ على ذلك ما تقدّم في رواية أحمد: "هل علمت أن الله حرمها بعدك؟ "، وفي رواية: "أن رجلًا خرج والخمر حلال"، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله -صلى الله عليه وسلم- للمُهدِي راويةً: "هل عَلِمتَ أن الله حرّمها؟ "، وقول الْمُهدِي: لا، يدلّ على قرب عهد التحريم من زمن الإهداء، ثم إنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بَيَّن له الحكم، ولم يوبّخه، ولم يذمّه؛ لأن الرجل كان متمسّكًا بالإباحة المتقدّمة، ولم يبلغه الناسخ، فكان دليلًا على أن الحكم لا يرتفع بوجود الناسخ، بل ببلوغه، كما قرّرناه في الأصول. انتهى (٢).

(فَسَارَّ إِنْسَانًا) لم يُعرف اسم ذلك الإنسان (٣)، و"سارّ" من السّرّ الذي هو بمعنى الكلام الخفيّ، قال النوويّ رحمه الله: المسارِرُ الذي خاطبه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هو الرجل الذي أهدى الراوية، كذا جاء مبيّنًا في غير هذه الرواية، وأنه رجلٌ من دوس، قال القاضي: وغَلِط بعض الشارحين، فظنّ أنه رجلٌ آخر. انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: تقدّم في روايات أحمد "أنه أقبل على غلامه، فقال: اذهب بها، فبعها"، وفي رواية: "فأقبل صاحب الراوية، على إنسان معه، فأمره" الحديث، وفي رواية: "فدعا رجلًا، فسارّه" الحديث.

فتبيّن بهذا كله أن الذي سارّ هو المهدي.

لكن ذكر محمد مرتضى الزبيديّ في "عقود الجواهر المنيفة في أدلة


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ٤.
(٢) "المفهم" ٤/ ٤٥٧.
(٣) "تنبيه المعلم" ص ٢٦٤.
(٤) "شرح النوويّ" ١١/ ٤.