للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن بعض المالكيّة، وهي قولة عن الشافعيّ. انتهى (١).

(قَالَ: فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ) وفي بعض النسخ: "ففتح المزاد" بدون هاء، قال النوويّ رحمه الله: هكذا وقع في أكثر النسخ "المزاد" بحذف الهاء في آخرها، وفي بعضها "المزادة" بالهاء، وقال في أول الحديث: "أَهْدَى راويةً"، وهي هي، قال أبو عبيد: هما بمعنًى، وقال ابن السِّكيت: إنما يقال لها: مزادة، وأما الراوية فاسم للبعير خاصّةً، والمختار قول أبي عبيد، وهذا الحديث يدلّ لأبي عبيد، فإنه سماها راويةً، ومزادةً، قالوا: سُمِّيت راويةً؛ لأنها تُروي صاحبها ومن معه، ومزادةً؛ لأنه يُتَزَوَّد فيها الماء في السفر وغيره، وقيل: لأنه يزاد فيها جلد ليتّسع. انتهى (٢).

(حَتَى ذَهَبَ مَما فِيهَا) غاية للفتح؛ أي: ففتح، وصبّ حتى فرغ ما في المزادة من الخمر، قال القرطبيّ رحمه الله: فيه دليل على أن أواني الخمر إذا لم تكن مُضْراة (٣) بالخمر؛ أنه يجوز استعمالها في غير الخمر إذا غُسلت، ألا ترى أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر عليه إبقاءها عنده، ولا أمره بشقها؟ ولو كانت نجسة لا يطهرها الغسل لأمَره بشقِّها؟ وتقطيعها، كما فعل أبو طلحة لَمَّا قال لأنس: قم إلى هذه الجرار فاكسرها. قال أنس: فقمت إلى مهراس لنا، فضربتها بأسفله حتى تكسرت. انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: ولا أمره بشقّها، كذلك لم يأمره بغسلها، فمن أين أخذ القرطبيّ الغسل؟ فقوله: يجوز استعمالها في غير الخمر إذا غُسلت، يحتاج إلى دليل، فإن الحديث ساكت عن الغسل، كما سكت عن الشقّ، والتقطيع.

وقد أخرج الشيخان في "صحيحيهما" من حديث سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-؛ أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لمّا رآهم أوقدوا نارًا كثيرة، قال: "ما هذه النار؟ على أي شيء


(١) "المفهم" ٤/ ٤٥٧ - ٤٥٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ٤ - ٥.
(٣) الضاري من الآنية: الذي ضري بالخمر: أي اشتدّ، فإذا جعل فيه النبيذ صار مسكرًا.
(٤) "المفهم" ٤/ ٤٦٠.