توقدون؟ "، قالوا: على حُمُر إنسية، فقال: "أهريقوا ما فيها، وكَسِّروها"، قال رجل: يا رسول الله، ألا نهريق ما فيها، ونغسلها؟ قال: "أو ذاك"، فقد أمر -صلى الله عليه وسلم- هنا بكسر الإناء، ثم رخّص لهم في غسلها، واستعمالها، فقد جاء نصّ ظاهر يدلّ على نجاسة تلك الآنية بسبب نجاسة الحمر الإنسيّة، وأما في مسألة الخمر، فلم يرد إلا إهراقها، ثم استعمال الإناء دون شقّ، أو غسل، وهذا دليل واضح في الفرق بين المسألتين، فتأمله حقّ التامل بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣٤/ ٤٠٣٧ و ٤٠٣٨](١٥٧٩)، و (النسائيّ) في "البيوع" (٧/ ٣٠٧ و ٣٠٨) وفي "الكبرى" (٤/ ٥٢)، و (مالك) في "الموطإ" (١٥٩٨)، و (الشافعيّ) في "مسنده" (١/ ١٤٠ و ١٤١)، و (الحميديّ) في "مسنده" (٢/ ٤٤٧)، و (أحمد) في "مسنده" (١/ ٢٣٠ و ٢٤٤ و ٣٢٣ و ٣٥٨)، و (الدارميّ) في "سننه" (٢٠١١)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٤٩٤٢ و ٤٩٤٤)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (٢٥٩٠)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٣/ ٣٦٩ و ٥/ ١٠٨)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٦/ ١١ و ١٢) و"الصغرى" (٧/ ٣٤١) و"المعرفة" (٦/ ٤٣١)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (٢٠٤٢)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان حكم بيع الخمر، وهو التحريم، وهو مجمع عليه.
٢ - (ومنها): أن الإنسان إذا رأى من يفعل المنكر ينبغي له أن يسأله قبل الإنكار عليه، هل هو يعلم حكمه، أم لا؟
٣ - (ومنها): أن من ارتكب معصيةً جاهلًا تحريمها لا إثم عليه، ولا تعزير.
٤ - (ومنها): أن فيه دليلًا على جواز سؤال الإنسان عن بعض أسرار الإنسان، فإن كان مما يجب كتمانه كتمه، وإلا فيذكره، قاله النوويّ رحمه الله،